اختلف العلماء في تعزية الكافر فذهب الأئمّة: كالشّافعي وأبي حنيفة في رواية عنه إلى أنّه يعزّى المسلم بالكافر، وبالعكس قال الإمام النووي (ويجوز للمسلم أن يعزي الذمي بقريبه الذمي) والثانية: نعودهم لما ورد من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان غلام يهودي يخدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمرض فأتاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعوده فقعد عند رأسه فقال له:" أسلم"، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأسلم فخرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يقول:"الحمد لله الذي أنقذه من النار".[، فعلى هذا نعزيهم) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ " لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت لَهُ: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: انْطَلِقْ فَوَارِهِ " وَلَا يَبْعُدُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلْحَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ بِالْقَرِيبِ، وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا الْمَوْلَى وَالْجَارُ كَمَا فِي الْعِيَادَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ تَحْرِيمَ تَشْيعِ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ الْكَافِرِ غَيْرَ نَحْوِ الْقَرِيبِ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاشِيُّ كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ , وقَالَ الحسن البصري: إذا عزيت الذمي، فقل: لا يصيبك إلا خير.
قال هريم: سمعت الأجلح عزى نصرانيا، فقال: عليك بتقوى الله والصبر.
وقال حرب: قلت لأبي إسحاق: فكيف يعزي المسلم المشرك؟ قال: يقول أكثر الله مالك وولدك. وعَنْ أَبِي وَائِلٍ- شقيق بن سلمة قَالَ: مَاتَتْ أُمِّي نَصْرَانِيَّةً، فَأَتَيْتُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: ارْكَبْ فِي جَنَازَتِهَا، وَسِرْ أَمَامَهَا
وقد سُئِلَ الإمام أحمد (رحمه الله) عن رجل مسلم يموت له قريب يهودي أو نصراني ماذا يفعل معه فقال: يركب دابته ويسير أمام الجنازة فلا يكون خلفها، فإذا أرادوا الدفن رجع. ولا شك ان تعزيه اقارب المتوفى تختلف عن موالاتهم , والامر يختلف فى حاله الدوله عن الافراد اذا ارتبط الامر بعلاقات الدول ومصائر الشعوب فكما يفوض الإمام واهل الحل والعقد فى اعلان الحرب وتوقيت ذلك فمن باب اولى تفويضهم فى ائتلاف غير المسلمين سواء اكانوا محاربين او معاهدين طبقا لما تفرضه الضروره والمصلحه , والادله على ذلك كثيره , فبعد نزول ايه براءة في سوره التوبه ،لم ينقض الرسول صلى الله عليه وسلم عهود الكفار والمشركين الذين تزيد عهودهم هن ثلاثه اشهر ،ككنانه , كذلك يجوز قتال غير المسلمين ان اعتدوا علي طائفة من المسلمين ، ان استنصروهم ، فعلي المسلمين النصر ، الا في حاله واحده استثناها المولي جل وعلا وهي وجود عهد او معاهده بعدم الاعتداء ، بينهم وبين احدي طوائف المسلمين ، فيجوز استنثناا تلك الطائفة ، قال تعالى (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) ايه 72 من سوره الانفال بل ونزلت هذه الايه فى صلح الحديبيه , كذلك قصه ابا بصير والاحباش وهي مشهوره ومعلومه للكافه ، والفيصل فى تلك المعاهدات قوله تعالى فاستقيموا لهم ما استقاموا لكم , فبعد نقض المشركين عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم واعتداءهم على خزاعه , نجد الحق جل وعلا يستثنى فئه من المعاهدين كما ورد فى قوله تعالى ( كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ( 7 ) ) سوره التوبه , وهذا لا يمنع الدعم بالمال والسلاح وحتي المقاتلين ،دون اعلان حرب مباشره , اذا كان امر اعلان القتال وتوقيته لا يجوز شرعا بغير اذن الإمام بعد التشاور مع اهل الحل والعقد , واذا كان امر اعلان الحرب او السلم او ائتلاف القلوب بالإجماع يعود للحاكم او الامام بعد التشاور مع اهل الحل والعقد , فلماذ لا يترك امر العزاء فى الزعماء اليه لتحديده طبقا لما تفرضه مصالح الوطن ، وبالتاكيد فأمر تفرضه العلاقات الدبلوماسيه اهون من ذلك ، وهذا لا يمنع ان بيريز من اكبر سفاحي اسرائيل ، واعتقد ان الاسلام لم يمنع الاحسان حتي علي اسري العدو من المقاتلين , وحفظ حقوقهم ، بل ومنع الاعتداء علي المدنيين ، ومن في حكمهم ، ولم يمنع التفاوض أثناء الحرب ذاتها مع ما يتضمنه ذلك من مجاملات وحتي تعازي علي ضحايا المعارك ، من الابرياء او والزعماء ، برغم انهم محاربين لا معاهدين ،من باب ائتلاف القلوب, او حتى من باب العرف الدبلوماسى والمعامله بالمثل , فتلك الامور متروكه شرعا لتقدير الامام واهل الحل والعقد بل وللمفاوضين انفسهم طالما كانت هناك ضروره لذلك ، وذلك كاعلان الحرب او التفاوض ، فما بالنا ان كان الاسلام يجيز ائتلاف قلوب طائفة من الاعداء المحاربين بالمال ، واظهار الموده لكف اذاهم او لتحقيق نفع من خلالهم او لاظهار العفو والتسامح ودفعهم للمعامله بالمثل ، كالاتفاق على عدم الاعتداء علي المدنيين ، ونحوه
هذا والله اعلى واعلم . محمد ابو الفتوح نعمة الله
0 88: dm4588a03ktc88z05.html
إرسال تعليق