dm4588a03ktc88z05.html
المشرف على التحرير اقتصادى/ محمد ابو الفتوح نعمه الله وكيل مؤسسى حزب العداله والتنميه - قيد التأسيس ت / 01005635068 / 01119841402 / 002

Translate

اهم الموضوعات

  • https://www.facebook.com/nematallah2
  • https://twitter.com/mr_nematallah
  • {icon: "instagram", url: "#"}
  • {icon: "linkedin", url: "#"}
  • {icon: "youtube", url: "#"}
  • {icon: "vk", url: "#"}
  • {icon: "behance", url: "#"}
  • {icon: "stack-overflow", url: "#"}
  • {icon: "dribbble", url: "#"}
  • {icon: "rss", url: "#"}

شارك الصفحه مع اصدقاءك

  الفيس بوڪ  اضغط هنا
  المنتدى  اضغط هنا

اول براءة اختراع من نوعها فى مصر والعالم ... اقرأ التفاصيل

اول براءة اختراع من نوعها فى مصر والعالم ...    اقرأ التفاصيل
محركات ومولدات ذاتية الحركة والتشغيل تعمل بدون وقود اوكهرباءاو اى مصادر خارجيه للطاقه اقرأ المزيد

للتواصل مع ادارة الموقع 00201550797145

يمكن التواصل مع مسئول الموقع : اقتصادى / محمد ابو الفتوح نعمة الله تليفونيا اوعبر الواتس اب 00201550797145

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

العلوم عند العرب والمسلمين


http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/114530061.jpg
الطب والصيدلة والهندسة والفلك وغيرها من العلوم التي عُني بها العرب بعد فترة الترجمة.
العلوم عند العرب والمسلمين:هذه المقالة دراسة في تاريخ العلوم البحتة والتطبيقية عند العرب والمسلمين، وتطمح إلى تقديم صورة أكثر وضوحًا للتفكير العلمي في الحضارة العربية الإسلامية.

مع بيان أهم الروّاد والأعلام العرب والمسلمين الذين كانت لهم إنجازات مميزة في هذه المجالات. والهدف إبراز الحقائق في هذا التاريخ العلمي الحضاري العظيم لإزالة الغموض والأخطاء التي سُجلت عمدًا أو سهوًا. ولا تسرف المقالة في مقدار علم هؤلاء الروّاد والأعلام في زمانهم، لكنها في الوقت نفسه تؤكد بموضوعية الجوانب العلمية التي كان للعرب والمسلمين الفضل فيها على تطور سائر العلوم سواءً في الغرب أو الشرق.
بدأت العلوم البحتة والتطبيقية عند العرب والمسلمين بحركة الترجمة التي نشطت في أواخر القرن الأول الهجري، الثامن الميلادي، واستمرت في الازدهار والعطاء حتى بداية القرن الثامن الهجري، الرابع عشر الميلادي. ولم يكن العرب في ترجمتهم لتراث الأمم التي أخذوا عنها العلوم الطبيعية نَقَلَةً جامدين، لكنهم أضافوا إليها كثيرًا، وجعلوا ما توصل إليه غيرهم مقدمة أساسية لأبحاثهم. وقد أبدعوا في بعض العلوم. وكانت بواعث ذلك ما بثّه الدين الإسلامي من أفكار، وما أحدثه في نفوس معتنقيه من حب العلم والتأمّل في الكون، إضافة لتشجيع الحكام الذين أحبوا العلم وأكرموا العلماء على الإبداع.ثم إن الفتوحات الإسلامية كانت عامل التقاء بين الثقافة العربية وثقافات الشعوب التي دخلت الإسلام. كما أن حاجة العرب إلى علوم ليست عندهم جعلتهم يقبلون على الترجمة. وحيث إن العلم من توابع الاستقرار والحضارة، فما أن استقرت الدولة العربية الإسلامية وازدهرت سياسيًا واقتصاديًا حتى اتجهت النفوس إلى الحركة الفكرية؛ فتُرجمت الكتب الإغريقية والفارسية والسريانية والقبطية والكلدانية، ونُقلت ذخائرها في العلوم إلى العربية. وبلغت الترجمة أوجها في عهد المأمون (198ـ 218هـ، 813 ـ 833م) الذي كان يقبل الجزية كتبًا، ويدفع وزن ما يترجم ذهبًا. كان بيت الحكمة في بغداد، والجامع الأموي في دمشق، والجامع الأزهر بمصر، وجامع القيروان في تونس، وجامع القرويين في المغرب، وجامع قرطبة في الأندلس، والجامع الكبير في صنعاء منارات للعلم يفد إليها الطلاب من كل مكان. وتخرج في هذه الصروح العلمية عدد كبير من العلماء تميزوا بغزارة الإنتاج في العلوم والفنون.تنقسم العلوم التي اشتغل بها العرب إلى علوم أصيلة وعلوم محدثة؛ فالأولى نشأت في ظل دولة الإسلام وعلى أيدي العرب أنفسهم، أما الثانية فتلك التي نشأت خارج البيئة العربية، ثم دخلت في بلاد الإسلام وطوّرها العلماء. عُني العرب بكل العلوم المحدثة من طب وصيدلة وكيمياء وفيزياء وعلوم رياضية وعلوم الأحياء وعلوم الأرض وفلك وجغرافيا.ولكي يطلع العرب على هذه العلوم كان طبيعياً أن ينقلوها من لغاتها الأصلية إلى لسانهم. وكان أول نقل قد تم في عهد خالد بن يزيد بن معاوية (ت 85هـ،704م)، إلا أن حركة الترجمة لم تتسع إلا في العصر العباسي، ولا سيما في عصر المأمون. وقد أسهم المترجمون كثيرًا في تكوين المصطلح العلمي والفلسفي الذي لا يزال بعضه مستخدمًا حتى الآن. وكانت الترجمة تتم في بادئ الأمر من اللغة الأصل إلى السريانية ومنها إلى العربية، ثم في مرحلة لاحقة صارت مباشرة من اللغات الأصل إلى العربية. وكان المترجمون نوعين: سريان ومسلمون؛ فكانت أغلب نقول السريان من اللغة اليونانية أو السريانية، أما المسلمون فقد كانوا يترجمون مباشرة من الفارسية أو الهندية وغيرهما إلى العربية. ومن أبرز هؤلاء المترجمين في مجال الترجمة العلمية: ماسرجويه ويسمى أحيانًا ماسرجيس وقد نقل موسوعة طبية يونانية تسمى الكُناش، وأبو يحيى البطريق (ت 800هـ، 1397م) وقد ترجم كتاب الأربع مقالات في علم النجوم لبطليموس وكتاب النفس والحيوان لأرسطو. وآل بختيشوع ومنهم جورجيس ابن جبريل (ت 771هـ، 1369م) وقد ترجموا الكتب الطبية، وكذلك آل حنين، وفي مقدمتهم حنين بن إسحاق (ت 260هـ، 873م) الذي ترجم سبعة من كتب أبقراط ومعظم أعمال جالينوس الطبية، وآل قُرَّة، وأبرزهم ثابت بن قرة (ت 288هـ، 901م)، وقد ترجم سبعة من كتب أبولينوس الثمانية في المخروطات، ونقل كتاب جغرافية المعمور وصفة الأرض لبطليموس، وقسطا ابن لوقا البعلبكي (ت 311هـ، 923م) الذي نقل كتبًا كثيرة من أهمها كتاب الحيل وكتاب أوطولوقس، ومحمد بن إبراهيم الفزاري (ت 800هـ، 1397م) الذي ترجم أهم كتب الفلك من اللغة السنسكريتية. وسترد في المقالة أسماء كثير من هذه الأعمال وغيرها من المؤلفات.
بعد أن تمت عملية النقل واستقرت أحوال الدولة العباسية اقتصاديًا واجتماعياً وعسكريًا، برز في ظل هذا الاستقرار علماء ومفكرون أبدعوا في شتى مجالات المعرفة منطلقين مما نقل من معارف الأمم الأخرى. وجاء وقت أعمل فيه العرب أفكارهم فيما نقلوه من نظريات وغيرها ولم يتقبلوها مباشرة، بل أخذوها بحذر شديد بعد أن صارت لهم طرقهم الخاصة التي تعتمد على التجربة والملاحظة التي اعتبروها حجر الزاوية لدراسة العلوم الطبيعية. وقد كان لأسلوب الجرح والتعديل الذي اتبعه علماء الحديث في تنقية الحديث وتمييز الصحيح من الموضوع أثر كبير في توجيه منهج المسلمين في البحث العلمي؛ لذا نجد أن العلماء المسلمين في شتى ميادين المعرفة جعلوا البرهان دليلاً وشاهدًا. فالدعوة إلى الإنصاف وإلى الحق والصدق والمعرفة كانت من صميم مقدمات أعمالهم، ولم يكن تفكيرهم العلمي يختلف كثيرًا عن المنهج العلمي الحديث. فهذا جابر بن حيان (ت 200هـ، 815م) شيخ علماء الكيمياء المسلمين يدعو إلى الاهتمام بالتجربة ودقة الملاحظة فيقول: ¸إن واجب المشتغل في الكيمياء هو العمل وإجراء التجربة، وإن المعرفة لا تحصل إلا بها·. وقد سلك الحسن بن الهيثم الطريقة المثلى في إجراء البحث العلمي وقال بالأخذ بالاستقراء والقياس والتمثيل، وضرورة الاعتماد على النمط المتبع في البحوث العلمية الحديثة فيقول: “يبدأ في البحث باستقراء الموجودات وتصفّح أحوال المبصرات وتمييز خواص الجزئيات، ويلتقط باستقراء ما يخص البصر حال الإبصار، وماهو مطرد لا يتغير، وظاهر لا يشتبه في كيفية الإحساس، ثم نترقى في البحث والمقاييس على التدريج والتدريب، مع انتقال المقدمات والتحفظ في الغلط في النتائج…”.أثناء وبعد حركة الترجمة ألف المسلمون في كل ضرب من ضروب المعرفة وفي كل الفنون، ولم يكتفوا بنقل التراث العلمي للأمم الأخرى، بل أضافوا له وزادوا عليه، ثم كانت لهم ابتكاراتهم الجديدة التي سنتناول كلا منها في موضعه من هذه المقالة.للوقوف على منجزات العرب والمسلمين في العلوم، ليس من المنطقي أن ننظر إلى منجزاتهم من خلال المكتسبات والمعطيات العلمية الحديثة، وإنما من خلال العصر الذي عاشوا فيه ومن جاورهم من أمم، وفي ضوء الإمكانات التي كانت متاحة إذ ذاك، والإسهام الذي أسدوه لجيلهم ولأجيال لحقتهم وما أضافوه لحضارة وعلم تلك الأجيال. هناك ظروف توافرت أدَّت إلى تفوّق العقلية العربية الإسلامية، كما توافرت ظروف مضادة أدّت إلى اضمحلال الفكر الإسلامي. ومن العوامل التي ساعدت على التفوق العلمي في ذلك العصر:1- دعوة القرآن الكريم وأحاديث النبي ³ إلى طلب العلم والحثّ عليه.2- حرية الرأي العلمي؛ فلم يتعرض عالم من علماء العلوم البحتة أو التطبيقية لمحنة بسبب رأيه العلمي .3- رعاية الحكام والولاة للعلماء، والإنفاق عليهم بسخاء، بل كان من بين الحكام علماء 4- اعتزاز العلماء بعلمهم فلم ينزلوا بنفوسهم إلى الاستجداء بالعلم .5- الاستعداد الذهني والصبر والأناة في ظل الوفرة الاقتصادية.وكان من جراء ذلك أن تهيأ المناخ للعلماء لتقديم أفضل ما يمكن بما هو متاح من الوسائل.
الطب
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/766857819.jpg
تواريخ مهمة في الطب و الصيدلة
كانت للعرب في الجاهلية تجاربهم في الطب، وقد أضافوا إليها ما اكتسبوه من الأمم المجاورة كالفرس والهنود وغيرهم. وقد انتهجوا طريقتين للعلاج أولاهما الكهانة والعرافة، والثانية ما خبروه من عقاقير نباتية إضافة إلى الكي والحجامة والفصد. ومن أبرز أطباء الجاهلية زهير الحِمْيري، وابن حزيم، والحارث بن كلدة صاحب كتاب المحاورة في الطب، والنضر بن الحارث. أما في الإسلام، فقد بدأ الطب يتأثر رويدًا رويدًا بالطب المحدث بدءًا من العصر الأموي؛ إذ أخذ العلاج يتأثر بالطب الإغريقي، ومن أشهر الأطباء في ذلك الوقت ابن أثال والحكم الدمشقي وعبدالملك الكناني طبيب عمر بن عبدالعزيز. وقد علا شأن الطب في عهد الدولة العباسية بزيادة احتكاك العرب بالأمم الأخرى التي فتحوا بلدانها، واستقدم الخلفاء أفضل الأطباء منهم مثل جورجيس بن بختيشوع وابنه جبريل، ويوحنّا بن ماسويه، وقد اشتهروا بجانب كونهم أطباء بنبوغهم في الترجمة والتأليف. ومع تقدم الزمن ظهر نوع مما يمكن أن نسميه حاليًا بالتخصص في تناول فروع الطب المختلفة كالطب الجراحي، وطب العيون، وطب الأطفال وعلم التشريح، والطب النفسي، وما يتبع ذلك من تطور في طرق العلاج وبناء المستشفيات.
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/869834668.jpgبعض أدوات جراحية اكتشفت في موقع الفسطاط.
الطب الجراحي:عُرف هذا الفرع من الطب عند الأقدمين من المسلمين بأسماء عدة منها: عمل اليد، وصناعة اليد، وعلاج الحديد لما يدخل فيه من استخدام أدوات تصنع من الحديد. وكان يطلق على من يزاول هذه المهنة اسم جرائحي أو دستكار؛ وهي كلمة فارسية الأصل أخذت من (دستكاري) وهي ترجمة للكلمة العربية التي تعني عمل اليد، أما الطبيب غير الجراح فكان يطلق عليه الطبائعي. وعلى الرغم من أن العرب ذكروا أنهم استقوا علمهم في الجراحة من الهند وبلاد فارس، فإن معظم ما نقلوه كان من اليونان، ومن ثم أبدعوا فيه. وهم أول من فرّق بين الجراحة وغيرها من الموضوعات الطبية، وألزموا الجراح أن يكون ملماً بعلم التشريح ومنافع الأعضاء ومواضعها. وكانوا يؤكدون على حاجة المشتغلين بالطب إلى تشريح الأجسام حية وميتة، وقد شرّحوا القرود كما فعل ابن ماسويه. وكانت معرفة الجراحين المسلمين بكتاب جالينوس المعروف بقاطاجانس في الجراحات والمراهم أمرًا إلزاميًا. من إبداعات العرب في مجال الجراحة أنهم أول من تمكّن من استخراج حصى المثانة لدى النساء ـ عن طريق المهبل، كما توصلوا إلى وصف دقيق لعملية نزف الدم وقالوا بالعامل الوراثي في ذلك، حيث وجدوا أن بعض الأجسام لديها استعداد للنزف أكثر من غيرها، وتابعوا ذلك في عائلة واحدة لديها هذا الاستعداد وعالجوه بالكي، كما نجحوا في إيقاف الدم النزيف أيضًا بربط الشرايين الكبيرة. وأجروا العمليات الجراحية في كل موضع تقريبًا من البدن؛ وكتبوا عن جراحة الأسنان وتقويمها وجراحة العين. وبرعوا في قدح الماء الأزرق من العين، وكانت هذه العملية أمرًا يسيرًا ونتائجها مضمونة. وذكروا أكثر من ست طرق لاستخراج هذا الماء من العين منها طريقة الشفط. وأجروا العمليات الجراحية في القصبة الهوائية، بل إن الزهراوي (ت 427هـ، 1035م) كان أول من نجح في عملية فتح الحنجرة (القصبة الهوائية) وهي العملية التي أجراها على أحد خدمه. ويقول الرازي في هذا الصدد: “العلاج أن تشق الأغشية الواصلة بين حلق قصبة الرئة ليدخل النَّفَس منه، ويمكن بعد أن يتخلص الإنسان وتسكن تلك الأسباب المانعة من النَّفَس أن يخاط ويرجع إلى حاله، ووجه علاجه أن يمد الرأس إلى الخلف ويمد الجلد ويشق أسفل من الحنجرة ثم يمد بخيطين إلى فوق وأسفل حتى تظهر قصبة الرئة… فإذا سكن الورم، وكان النَّفَس فَلْيُخَطْ ويمسك قليلاً واجعل عليه دروزًا أصغر”. كما شرحوا الطريقة التي يستطيع بها المصاب بحَصََر البول، ومن يتعذَّر عليه الإدرار؛ بأن تجرى له جراحة كي تركب له قثطرة. ولعل العرب كانوا من أوائل من أشاروا إلى ما يسمى الآن بجراحة التجميل، وقد بينوا كيفية هذه الجراحة في الشفة والأنف والأذن حينما تطرأ عليها الضخامة من نتوء بارز أو قطع، بحيث تعود هذه الأعضاء إلى حالتها الطبيعية فيرتفع القبح الناشئ عن اللحمة الزائدة. وكما أن الطب الجراحي الحديث لا يلجأ للجراحة إلا إذا كانت هي الحل الأخير، فكذلك كان يفعل الجراحون العرب؛ فما كانت الجراحة عندهم إلا كالشر الذي لابد منه. من ذلك ما نجده في قول الرازي في كتابه محنة الطبيب: “متى رأيت الطبيب يبرئ بالأدوية التي تعالج بعلاج الحديد والعملية الجراحية مثل الخراجات والدبيلات واللوزتين، والخنازير واللهاة الغليظة والسلع والغُدد… فمتى أجاد الطبيب في جميع هذه ولا يحتاج في شيء منها إلى البط والقطع إلا أن تدعو لذلك ضرورة شديدة فاحمد معرفته”، ومن ثم سار المثل: آخر الدواء الكي. كما مارس الجراحون العرب إجراء العمليات الناجحة في البطن، والمجاري البولية، والولادة القيصرية، وتجبير الكسور، والخلع، وعمليات الأنف والأذن والحنجرة، وكانوا يخيطون الجروح خياطة داخلية لا تترك أثرًا ظاهرًا من الجانب الخارجي. وخاطوا مواضع العمليات بخيط واحد باستخدام إبرتين، واستخدموا الأوتار الجلدية وخيوطًا صنعوها من أمعاء القطط وحيوانات أخرى في جراحات الأمعاء ورتق الجروح؛ إذ إن الجسم يمتصها دون أن تلحق به أذىً. وتوصلوا إلى أساليب في تطهير الجروح وطوروا أدوات الجراحة وآلاتها. وكان للجراحين العرب فضل كبير في استخدام عمليتي التخدير والإنعاش على أسس تختلف عما نقلوه من الأمم الأخرى.
أدوات الجراحة:لم يكتف الجراحون العرب بالأدوات التي نقلوها عن الأمم التي سبقتهم، بل اخترعوا آلات جديدة وطوروا تلك التي آلت إليهم من غيرهم. وذكر الكثيرون منهم ـ في ثنايا مؤلفاتهم ـ الأدوات التي استخدمت في عصرهم. ومن هذه المؤلفات، على سبيل المثال، الكتاب الذي صنفه الزهراوي التصريف لمن عجز عن التأليف، وابن القُف أبو الفرج بن يعقوب (ت685هـ، 1286م) عمدة الإصلاح في صناعة الجراح، وأبو الحسن ابن بطلان دعوة الأطباء. وقد اكتشفت بعض الآلات الجراحية أثناء الحفريات التي جرت في موقع الفسطاط التي أسسها عمرو بن العاص سنة 21هـ،641م. ومن هذه الأدوات: أولاً الدَّست وهو يشبه الحقيبة التي تحفظ فيها المباضع. وهذه المباضع أنواع تختلف أشكالها باختلاف الوظائف التي تؤديها؛ فمنها مبضع شق الجلد وهو حاد الطرفين، ويستخدم في حالة فتح مكان في الجلد فوق الشرايين حتى يتمكن الجراح من ربطها. والمبضع المعطوف؛ ويكون أحد طرفيه حادًا ويستخدم لاستئصال اللوزتين. ومن الأدوات التي استخدمت للوزتين المقطع؛ ويشبه المقص بطرفيه المعطوفين، والمباضع الشوكية؛ وهي نوعان:أحدهما يستخدم لبزل البطن في حالة الحبن (الاستسقاء، الورم) ليسمح بإدخال أنبوب دقيق لسحب الماء، وآخر يشق به الناسور. ومبضع فتح الأورام؛ لاستخراج الصديد والقيح المتجمع فيها، وهو ذو نصل مستدير. والمبضع الأملس؛ ويستخدم في قطع الظفرة (لحمة تنبت عند المآقي) من العين. ومبضع الأذن لقطع ما يسقط في الأذن من أجسام غريبة. ومبضع الشق العجاني، ويستخدم لشق العجان (وهو الدُّبر ومافوقه) لاستخراج الحصاة. ومبضع الفصد؛ وهو مبضع عريض ذو نصل يشبه ورقة نبات الآس؛ يستخدم لفصد العروق. والمبضع أملس الحافتين؛ ويستخدم لفتح الأذن التي قد تسد إما من جراء جسم خارجي، أو لزائدة تنبت فيها.إلى جانب المباضع توجد أدوات أخرى منها الصنانير، وهي أنواع أيضًا، منها البسيط ذو المخطاف الواحد، والمركب ذو المخطافين أو الثلاثة مخاطيف، وأخرى ذات ثلاث شوكات ومقبض واحد لشد الجلد. وصنانير خاصة بخلع بقايا السن المكسورة، طرفها مثلث الشكل فيها بعض الغلظ. أما بقايا جذور الأضراس المكسورة فكانت تخلع بأداة يدخلونها في السنخ فتخلعها. وتسمى هذه الأداة العتلة وهي ذات أشكال وأحجام مختلفة تحددها الوظيفة التي تقوم بها. ومن الأدوات الخاصة بخلع الأسنان والأضراس الكلاليب، ومنها ما يشبه مناقير الطيور تخلع الأضراس من أصولها. ومن الكلاليب ما يستخدم لاستخراج ما ينشب في الحلق من أجسام غريبة، وهي ذات أطراف معقوفة خشنة كالمبرد إذا لامست الجسم قلما تتركه. ومثلها مرْوَد الحلق؛ وهو آلة يستخرج بها الشوك أو العظم وما شابههما من الحلق، وهي ذات طرف معقوف كالصنارة. وآلة كي اللهاة، وتشبه المرود وطرفها كالملعقة تملأ بمادة كاوية توضع على اللهاة.أما الأنابيب فكانت تتخذ من الريش أو تصنع من الفضة والنحاس أو الحديد. ويعتمد ذلك على نوع الوظيفة التي يؤديها الأنبوب؛ فهناك أنبوب لقطع الثملة؛ وهي الزوائد اللحمية التي تظهر في الوجه والعنق، ويصنع من ريش الأوز أو النسور، ويوضع فوق الثملة ويشد عليها حتى يقطعها من أصلها. وهناك أنبوب هوام الأذن، وهو ذو فوهة ضيقة ونهاية واسعة يدخل إلى الأذن بمقدار يحتمله المريض ويشفط به شفطًا قويًا حتى تخرج الهوام. ومن هذا النوع أنبوب يعبأ بزيت دافئ يدفع ببطء داخل الأذن فتخرج الهوام، ويصنع من الفضة أو النحاس. وهناك نوع من الأنابيب يُبرى على هيئة القلم يصنع من الفضة أو النحاس به ثلاثة ثقوب: اثنان منها على جانب واحد تستخدم لبزل الماء في الحبن أو جذبه. وهناك نوعان من الجفت واحد لاستخراج العظام المكسورة من الفك، وآخر صغير دقيق يستخدم في استخراج الأجسام الدقيقة من الأذن. ومن الأدوات التي استخدمت للأذن أيضًا المجرفة؛ وهي آلة كالمجرد (المكشط) لرفع الأجسام الغريبة منها. كما استخدموا القثاطر لتسهيل خروج البول من المثانة وطولها نحو شبر ونصف الشبر. وتصنع من الفضة المجوفة بحجم أنبوب ريش الطير.ومن الآلات التي كانت تستخدمها القابلات في التوليد اللوالب؛ وهي آلات تساعد في فتح فم الرحم وتصنع من الأبنوس، ويكون في طرف اللولب خشبتان عرض كل منهما نحو أصبعين وطولهما شبر ونصف، وفي وسط الخشبتين زائدتان تربطان فيهما تدخلان في المهبل ليفتح بها عند إدارة اللولب. كما استخدموا نوعًا من الصنانير ذات الشوكتين لجذب الجنين. ومنها أيضًا المشداخ وهو آلة يشدخ بها رأس الجنين ليسهل إخراجه من فم الرحم، ويشبه المقص وله أسنان كأسنان المنشار. ومنها أيضاً أداة تسمى المبخرة للتبخير بها عند احتباس دم الطمث والمشيمة، وتصنع من النحاس ويوضع طرفها الرفيع في القُبل والواسع على النار والبخور فوق الجمر. ومدفع الجنين وهو على شكل صنارة يشبك طرفه في الجنين ويدفع به إلى الأمام. واستخدموا المجارد (المكاشط)، وهي آلات تجرد بها الأضراس والأسنان لإزالة الكلس والسواد والصفرة عنها، وبعضها مصمم ليجرد به من الداخل وبعضها من الخارج وبعضها للجرد بين الأسنان والأضراس. ومن المجارد ما يستخدم لكشط العظام، وهي كالمبرد وتسمى المجارد خشنة الرأس، وكل المجارد تصنع من الحديد.
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/164906029.jpgالجراحون العرب اخترعوا أدوات جديدة، وطوروا تلك التي آلت إليهم من غيرهم.
كما استخدم الجراحون العرب المحاجم والمحاقن. والمحاجم على ثلاثة أشكال: منها الصغير والمتوسط والكبير، وتصنع من النحاس أو من الصيني مدورة أسطوانية تستخدم لقطع النزف، ولا بد أن يكون لدى الطبيب كل المقاسات. وهناك المحجمة النارية والمحجمة المائية؛ فالأولى تصنع من النحاس الأصفر، وفي منتصفها ثقب بمقدار ما يدخل الإبرة يغلقه الحاجم بإصبعه عند الاستعمال، وحالما ينتهي يرفع إصبعه عن الثقب فتنحل المحجمة في الحال. أما المحجمة المائية فليس بها ثقب، وإنما تعبأ بالماء وتوضع على العضو مباشرة، وكلما كان حجمها أكبر استوعبت كثيرًا من الماء الحار أو المخلوط بالأعشاب. أما المحاقن فنوعان؛ كبير وصغير، وتستخدم الصغيرة للأطفال. وتصنع من الفضة أو النحاس أو الصيني. وأعلى المحقن واسع على هيئة كيس توضع فيه المادة المحقونة، وطرفه الأسفل الذي يدخل في الشرج أملس رقيق مصمت. ومنها محقن المثانة وهو صغير لطيف تحقن به المثانة ويصنع من الفضة. يملأ بالسوائل المدفأة ويدخل طرف المحقن في الإحليل ويدفع السائل بالضغط على مؤخرة المحقن ضغطًا شديدًا فيندفع السائل إلى المثانة. ومن الآلات المستخدمة في جراحة المثانة أيضًا المزراقة؛ وهي أداة لتقطير الماء في جوف المثانة، وبها ثلاثة ثقوب: اثنان منها على جانب واحد والثالث على الجانب الآخر، وتستخدم في دفع السوائل أو جذبها من المثانة. وهناك المشعب وهو آلة مثلثة الطرف تصنع من الحديد الصلب ولها مقبض خشبي تستخدم لتفتيت الحصاة في القضيب أو مجرى البول.
استخدم الجراحون أدوات دقيقة لاستئصال الأورام والناسور أو لقطعها؛ من ذلك البريد، وهو أداة كالمسبار تصنع من النحاس الأصفر أو الأبيض أو الرصاص، ويختلف حجمه وشكله باختلاف موضع الورم أو الناسور أو الخراج وحجمه. كما استخدموا المدس وهو آلة كامرود لجس واستقصاء الأورام. وأنواع المدسات ثلاثة؛ كبير ومتوسط وصغير، ووظيفة المدس أن يُدخل (يدس) في أرطب مكان، ويدار بلطف بين الأصابع ثم ينزع ويفحص ما خرج معه من أنواع الرطوبات. ومما استخدم في جراحة الأورام المشرط، وهو آلة تشق بها الأورام، وهي على ثلاثة أنواع: كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وهي عريضة ذات طرفين أحدهما حاد يستعان به في شق الورم. وهناك المكبس المجوف؛ وهو آلة تصنع من الفضة أو النحاس مسطحة، ووظيفتها كبس اللسان ليتمكن الجراح من رؤية الحلق وكشف أورامه. ومن الأدوات التي استخدموها في جراحة الناسور أيضًا المسبار المثقوب، كانوا يدخلون فيه خيطًا مفتولاً من خمسة خيوط ويربطون به أصل الناسور ويشدونه ويتركونه يومين أو ثلاثة حتى يسقط من تلقاء نفسه. ومن أدوات جراحة الأورام أيضًا الكاوية، وتشبه السكين المعوجة النصل، تكوى بها الأورام التي تنشأ في الأرجل كالفخذين والساقين والأقدام. وكذلك الكاوية المسمارية وتكوى بها بواسير الشرج والرحم. والكاوية الأنبوبية التي تكوى بها الأضراس وهي ذات أشكال متعددة، والكاوية الهلالية الطرف التي تكوى بها الفتوق، وكاوية البطن والكبد وكاويات قطع الشرايين وكاويات المفاصل. والكاوية الزيتونية ويكوى بها الفالج والصداع وعرق النَّسَا، إلى جانب كاويات تستخدم في الشقيقة وأمراض الكلى والمثانة وآلام الظهر.
أما في جراحة العيون والأنف والأذن والحنجرة، فقد استخدموا آلات عديدة. ومن ذلك أنهم استخدموا البريد وهو آلة شديدة الصلابة لثقب الملتحمة دون التعمق في الثقب، ومن ثم يستخدمون المقدح بعد إجراء الثقب. كما استخدموا القصبة في رفع جفن العين أثناء العملية. وكانت تتخذ قصبتان بطول الجفن وتشدان شدًا وثيقًا وتتركان مدة من الزمن حتى تموت الجلدة الزائدة وتسقط من تلقاء نفسها أو تقرض بالمقراض إن استغرقت مدة طويلة ولم تسقط. ومثل القصبة أيضًا مخالب التشمير، وهي آلات كالصنانير تستعمل أيضًا في رفع الأجفان. أما المقادح فهي آلات تشبه المباضع تستخدم في قدح الماء الذي يسيل من العين. كما استخدموا أنواعًا من المقصات في عمليات العيون منها الصغير الذي يستخدم لقطع ما يبقى من الجلد في عمليات الجفون ومقص التعقيم الذي تطهر به جروح العين بعد العملية. أما الشعر الذي ينبت في أشفار العين فكان يُتَخلص منه بوساطة كاوية يبلغ طولها نحو 15سم تسمى الكاوية الآسية لأن كيها على شكل ورقة نبات الآس. وكانت نواسير العين التي تنشأ في المآقي تزال بالكاوية المجوفة، أما استرخاء الجفن ومنطقة مافوق الحاجبين فكان يعالج جراحيًا بالكاوية الهلالية. كما استخدموا آلات الجراحة الرمدية؛ كالمقص ذي الشفرة العريضة والمقراض الذي يلقط السبل من الإكليل، والمنقاش لقطع الثآليل، والملقاط لأخذ الشعيرات الزائدة. ولقطع اللحم الزائد في داخل الأنف استخدموا ما يعرف بالمخرط، كما استخدموا للأنف أيضًا المسعط وهو آلة تقطر الدهن في الأنف، وكان يتخذ من الفضة أو النحاس وهو مسطح ذو مقبض في نهايته. أما ناسور الأنف فقد استخدموا له المنقب، وطرفه حاد مثلث الشكل ومقبضه خشبي مخروط.ومن الأدوات التي استخدموها في جراحة العظام البيرم؛ وهي تشبه العتلة الصغيرة تصنع من الحديد طولها ثماني أصابع، أما عرضها فيختلف باختلاف حجم الجروح والعظام، وتستخدم لرد العظام المكسورة الناتئة على الجلد وتسويتها. ومنها خشبة الرأس؛ وكانوا يزيلون بها العظم الفاسد؛ وهي ذات رأس مدوَّر وتصنع من الحديد الصلب، وتوضع على الموضع المراد إزالته وتدار حتى يكشط الجزء الفاسد. كما استخدموا نوعًا من المثاقب لثقب العظام بحيث لا يتجاوز عظم القحف إلى الجهة الأخرى، ومن هذه المثاقب الكبير والمتوسط والصغير. ولتسوية خشونة ما يبقى من عظام استخدموا آلة تسمى المقطع العدسي. إلى جانب الأدوات السابقة استخدم الجراحون العرب أدوات أخرى كثيرة.التخدير والإنعاش. لم تقتصر إضافات العرب في مجال الطب الجراحي على إجراء عمليات لم يُجر مثلها من قبل، واستحداث أدوات جراحية جديدة فحسب، بل إنهم طوروا ما وصل إليهم من علم التخدير والإنعاش ممن سبقهم، ثم اكتشفوا طرقًا أخرى أضافوها لهذا العلم. إن التخدير العام بالاستنشاق أو بالحقن لم يعرف إلا منذ وقت قريب نحو سنة 1260هـ، 1844م. وما انتقل إلى العرب من محاولات التخدير لا يعدو أن يكون واحدًا من ثلاثة أشياء: 1ـ السحر والشعوذة 2ـ التبريد 3ـ إعطاء جرعات من مزيج مخفف للألم عن طريق الفم. ويعود الفضل إلى العرب في اكتشاف المرقِّد (المبنج) العام. وهناك من القرائن ما يدل على أن العرب كانوا أول من استعمل التخدير عن طريق الاستنشاق. وكان ذلك يتم عن طريق الإسفنج المخدر؛ فكانت توضع قطعة من الإسفنج في عصارة من الحشيش والأفيون والزُّؤان، ثم تترك في الشمس لتجف ثم تحفظ. وقبيل بدء العملية تخرج وترطب ثانية، وتوضع فوق أنف المريض وفمه، فتمتص الأنسجة المخاطية المبنجات، فيخلد المريض إلى نوم عميق أثناء إجراء العملية الجراحية. وكان هذا الاكتشاف فتحاً في مجال الطب الجراحي وأكثر رحمةً من المشروبات المسكرة التي استخدمها الهنود والرومان والإغريق، وكانوا يجبرون مرضاهم على تناولها كلما أرادوا تخفيف آلامهم.وإلى جانب اكتشافهم الكبير، وهو استخدام المرقِّد، جرب العرب أدوية مبنجة أو مخففة للألم لأولئك الذين يخضعون أو خضعوا للعمل الجراحي. من ذلك اللُّفَّاح؛ وهو نوع من النبات غليظ الجذر أصفر طيب الرائحة، كما استخدموا القنب الهندي (الحشيش)، والشوكران؛ وهو عشب سام ذو رائحة غير مقبولة إذا فُرك بالأصابع، والخشخاش؛ وأنواعه كثيرة، والبنج؛ وينتمي إلى الفصيلة الباذنجانية ومعروف بخواصه المبنجة، وحشيشة ست الحُسن. وعلى الرغم من أن مادة الإِثير أدخلت إلى حقل التخدير الاستنشاقي بشكل منتظم منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، فإننا لا نعرف على وجه التحديد أول من اكتشف هذه المادة. إلا أن هناك من القرائن ما يشير إلى أن الفضل في ذلك يعود إلى العرب؛ فالعرب هم الذين اكتشفوا مادة الغول، وهم الذين اكتشفوا حمـض الكبريتيك (الزَّاج الأخضر). ثم أنهم أجروا تفاعلات وعمليــات تقطير بين الغول وحمض الكبريتيك، مما يقوي احتمال أن يكون العرب أول من اكتشف هذه المادة المهمة في التخدير. ولا غرو فإنهم اكتشفوا مادة الكحول وهي المادة الرئيسية لكل المبنجات السائلة والطيّارة المستخدمة في مجال التخدير حاليًا.أما الإنعاش وإن لم يكن للعرب فيه خبرة واسعة إلا أنهم قد عرفوا مبادئه. فكانوا يدفعون كميات من الهواء عبر الرئتين بالضغط المتناوب، واستخدموا في ذلك المنفاخ. وتدلنا على ذلك القصة التي أوردها ابن أبي أصيبعة في كتاب طبقات الأطباء؛ وذلك أنه لما جاء نعي إبراهيم بن صالح، ابن عم الرشيد، استأذن الطبيب صالح بن بهلة الدخول على إبراهيم وهو في أكفانه ثم ما لبثوا أن سمعوا صوت ضرب بدن بكف ثم تكبيرًا، ثم استدعى صالح الرشيد وأخرج إبرة فأدخلها تحت ظفر إبهام اليد اليسرى للميت فجذب إبراهيم المسجّى يده إلى بدنه، فطلب الطبيب أن يجردوه من كفنه وطلب كندسًا (نوع من الدواء) ومنفخة من الخزانة، ونفخ في أنف إبراهيم لمدة ثلث ساعة، فاضطرب بعدها بدنه وعطس ثم هبّ مستيقظًا.
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/599192455.jpg صفحة من كتاب “عشر مقالات في العين” لحنين بن إسحاق الذي يعد نقطة انطلاق في علم الكحالة (طب العيون) عند العرب.
طب العيون:. كان العرب يطلقون على هذا الفرع من الطب اسم الكحالة، ويسمون المشتغلين به من الأطباء باسم الكحالين. وقد قام العرب بترجمة ما وصلهم من كتب علم الكحالة من الهند واليونان والرومان. وكما فعلوا في حقل الطب الجراحي من حيث تطويره وتطوير الأدوات التي استخدمت فيه، قاموا بتطوير نوع من العمليات لم يرثوه عن أحد من الأمم الأخرى؛ فقد برعوا في قدح الماء الأزرق من العين مع الصعوبة التي تكتنف إجراء مثل هذه العملية حتى اليوم. وكانت نتائج هذه العمليات مضمونة، ويقال إنه لما أصاب الطبيب الرازي العمى، عرضوا عليه أن يجروا له عملية القدح فقال لهم إنه يفضل البقاء أعمى كيلا يرى أناس ذلك الزمان. وإلى جانب ما توصلوا إليه من إجراء العمليات الجراحية لقدح الماء الأزرق، أجروا عمليات جراحية لقدح الماء الأبيض (الساد). وابتكروا فيها ست طرق كانت إحداها بوساطة المص، وكانوا يستخدمون في ذلك أنبوبًا زجاجيًا رقيقًا يدخلونه من مقدمة العين ويفتتون به العدسة المعتمة ثم تمتص هذه العدسة بعد ذلك. وكانت هذه العملية أحدث عملية جراحية لعلاج الساد آنذاك. وهناك شبه كبير من حيث المبدأ بين تلك العملية والعملية المتطورة التي تجرى الآن رغم الفارق في المعدات. كما ألف العرب العديد من الكتب في طب العيون وجراحتها ومداواتها. ومن أشهر كتب الكحالة كتاب عشر مقالات في العين لحنين بن إسحاق. ويعد هذا الكتاب نقطة الانطلاق في علم الكحالة عند العرب. وتطورت الكحالة على يد اثنين من أشهر الكحالين العرب هما أبو القاسم عمار بن علي الموصلي (ت 400هـ،1010م) وعلي بن عيسى الكحال (ت 430هـ،1039م). وكان الأول خبيرًا في طب العيون وإجراء العمليات الجراحية، وهو من أكثر أطباء العيون العرب ابتكارًا، وألّف كتابًا في أمراض العيون ومداواتها اسمه المنتخب في علاج أمراض العين. وقد مارس مهنته في القاهرة. أما علي بن عيسى فقد اشتهر إلى جانب حذقه مهنة الكحالة بكتابه المعروف تذكرة الكحالين، ومارس مهنته في بغداد. ويعتبره المستشرقون أكبر طبيب للعيون أنجبته العصور الوسطى، وترجموا كتابه إلى اللاتينية مرتين وإلى العبرية. وبيّن ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء أن كتاب علي بن عيسى يحتوي على ثلاث مقالات؛ الأولى في حد العين وتشريحها، وطبقاتها، ورطوباتها، وأعصابها، وعضلاتها، ومن أين نبات كل طبقة منها، ومن أين يأتي غذاؤها، وإلى أين انتهاؤها، وأين موضعها ومنفعتها. أما المقالة الثانية ففي أمراض العين الظاهرة للحس، وأسبابها وعلاماتها وعلاجاتها. والمقالة الثالثة في أمراضها الخفية عن الحس وعلاماتها وعلاجاتها ونسخ أدويتها. أما مجموع ما ألفه من كتب في طب العيون فيبلغ 32 كتابًا. وبلغ مجموع ما وصفه من أمراض العيون في تذكرة الكحالين وحده 130 مرضًا. ولعل إبداع العرب وإجادتهم في هذا المجال يعود إلى كثرة انتشار أمراض العيون في المناطق الحارة. إلى جانب ذلك مارس الكحالون العرب تشريح عيون الحيوانات؛ مما أوقفهم على معلومات قيمة، منها تعرفهم على سبب حركة المقلة والحدقة ¸…وأن حركة المقلة مسببة من انقباض عضلات العين، كما أن حركة الحدقة مسببة عن انقباض وانبساط القزحية…·. ووصف ابن سينا عضلات العين وأعصابها ووظائفها.ومن المراجع المهمة المحيطة في أمراض العيون كتاب صلاح الدين بن يوسف الكحّال واسمه نور العيون وجامع الفنون صنفه حوالي سنة 697هـ، 1297م. وقد قسمه إلى أبواب في: وصف العين، والبصر، والأمراض، وأسبابها وأعراضها، وحفظ صحة العين، وأمراض الجفون، والملتحمة، والقرنية، والحدقة، وأمراض العين التي لا تقع تحت الحواس، وأدوية العيون. أما أفضل من كتب عن العين من حيث الجانب الفيزيائي فهو الحسن بن الهيثم (ت 430هـ، 1038م)، وامتاز وصفه للعين بالدقة. كما بحث في قضايا البصريات وفي طبيعة النظر، وقال: “إن النور يدخل العين لا يخرج منها، وأن شبكية العين هي مركز المرئيات، وأن هذه المرئيات تنتقل إلى الدماغ بوساطة عصب البصر، وأن وحدة النظر بين الباصرتين عائد إلى تماثل الصور على الشبكيتين…”. ومن الكتب التي اشتهرت كتاب ألفه أحد أطباء العيون في مصر، وهو القاضي فتح الدين أبو العباس القيسي (ت 657هـ،1258م) وكان يلقب برئيس الأطباء المصرية. ويحتوى كتابه على 15 فصلاً في علم الرمد. وكذلك كتاب الكافي في الكحل لخليفة بن أبي المحاسن الحلبي وألفه بين عامي 654ـ 674هـ، 1256 ـ 1275م.
طب الأطفال والولادة:عرف العرب الاختصاص الطبي، فكان هناك: الجراح ومجبِّر العظام، وطبيب الأسنان، والحجّام، والفصّاد، والكحّال، والمتخصص في الطب النفسي والعقلي، والبيطري، وأمراض النساء والولادة. وعلى الرغم من أننا لا نجد من اقتصر تخصصه على طب الأطفال، إلا أنهم كانوا ملمين إلمامًا طيبًا بهذا النوع من الطب إلى جانب درايتهم وتخصصاتهم الطبية الأخرى. ومنهم من اشتغل وكتب في هذا الحقل، فمنهم من بحث بطرف في علم الأجنة، والأمراض الوراثية، وهناك من وضع كتابًا خصصه للمولودين في سبعة أشهر وكيفية رعايتهم. كما بحثوا في الإرضاع والمرضع. وكان أول من كتب في طب الأطفال أبوبكر الرازي إلى جانب أنه كتب فصولاً مبتكرة في أمراض النساء والولادة، والأمراض التناسليّة. كما برعوا في دراسة أحوال العقم، وأشاروا إلى أن نوعًا منها ينشأ عن فقدان الوفاق النفسي والطبيعي بين الزوجين. وقالوا إذا انفصل الزوجان اللذان يعانيان هذا النوع من العقم، ثم تزوج كل واحد منهما زوجًا جديدًا فإنهما سينجبان.الأطفال. اهتم الأطباء العرب بمراحل حياة الطفل منذ مولده، ولم يختلف تقسيمهم هذا كثيرًا عن تقسيم المحدثين. وتعرضوا لذكر أطوار الجنين في بطن أمه، وكيفية العناية به حالما يخرج إلى الحياة. كما حظي موضوع إرضاع الأطفال بنصيب وافر من العناية، فقد كتبوا فصولاً كثيرة في الخصائص التي ينبغي أن تتوافر في المرضع، ولبنها، وما عليها أن تتبعه من غذاء حتى يظل لبنها مغذيًا وصحيًا. وتحدثوا عن الأمراض التي تصيب الأطفال؛ كالإسهال والربو والبول في الفراش، والتشنج، والحَوَل، والقروح، والخراجات، والبثور، والتسنين، والقلاع، وأنواع الديدان، والأعصاب (شلل الأطفال)، والحُمَّيَات بأنواعها، والكزاز، وآلام الأذنين والعينين. ويعتبر كتاب الطبيب العربي أبو الحسن أحمد بن محمد الطبري (ت366هـ، 976م) أقدم مخطوط عربي موجود لدينا في طب الأطفال، نظرًا لعدم توافر نسخة عربية من مؤلف الرازي السابق، الذي توجد له ترجمات بالإيطالية والإنجليزية وقديمًا بالعبرية واللاتينية.إلى جانب اهتمام الأطباء العرب وعنايتهم بالأطفال الذين يولدون لسبعة أشهر، اهتموا كذلك بالمواليد منذ الوهلة الأولى لمقدمهم، ولا يختلف كلام ابن سينا في هذا الصدد كثيرًا عما يستقبل به الطفل في المستشفيات الحديثة. فيذكر ابن سينا في الفصل الأول من الكتاب الأول من القانون ¸أن أول ما ينبغي على الطبيب عمله أن يبدأ بقطع السُّرة نحو أربع أصابع ويغسل جسمه، ويلبس ويقطَّر في عينيه وينظف منخره. وينبغي أن يوضع في مكان معتدل الهواء ليس ببارد ولا حار… ويجب أن يكون إحمامه بالماء المعتدل صيفًا وبالماء المائل إلى الحرارة غير اللاذعة شتاءً… ثم يقطر في أنفه الزيت العذب·. وأجمعوا على أن لبن الأم أفضل أنواع الحليب للطفل، وهذا ما يقرره الطب الحديث. وتطرقوا إلى نوع الغذاء الذي ينبغي أن تتناوله المرضع أثناء فترة الرضاعة، بحيث يكون ما تتناوله ذا قيمة غذائية متوازنة ومدرًا للبن ¸… فيجب أن يُعتنى بغذائها فيجعل من الحنطة ولحوم الخرفان والجداء والسمك·. كما نصحوا المرضع بالتوقف عن الإرضاع في أحوال معينة؛ كتعرضها لمرض مؤلم أو معد، أو إسهال شديد، أو احتباس للبول أو إمساك. كذلك تتوقف عن الرضاعة إذا أدت الضرورة أن تتناول دواء قوي المفعول حتى لا يتأثر الطفل بذلك، وهذا ما يؤيده الطب الحديث.أما مدة الإرضاع، فقد حددوها بعامين، ولعلهم اهتدوا في ذلك بما ورد في القرآن ﴿والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة﴾ البقرة: 233. واشترطوا أن يكون الفطام في موسم اعتدال الطقس، فلا يكون في الصيف القائظ ولا الشتاء القارس. وهذا ما يؤيده الطب الحديث أيضًا؛ إذ إن ذلك يجنب الطفل الإصابة بالنزلات المعوية، حيث تقل كفاءة الجهاز الهضمي للطفل. ويجب أن يكون الفطام تدريجًيا كما يقول ابن سينا: “إذا جعلت ثناياه تظهر، نُقِل إلى الغذاء الذي هو أقوى بالتدريج من غير أن يعطى شيئًا صلب المضغ، ثم إذا فطم نقل إلى ما هو من جنس الحساء واللحوم الخفيفة، ويجب أن يكون الفطام بالتدريج لا دفعة واحدة”. كما أشاروا إلى أنه ينبغي إذا تدرّب الطفل على المشي فلا يُمَكّن من الحركات العنيفة، “ولايجوز أن يحمل على المشي والقعود قبل انبعاثه إليه بالطبع؛ فيصيب ساقيه وصلبه آفة”.النساء والولادة: تناول الأطباء المسلمون الأمراض التي تعرض للنساء تناولاً ينم عن سعة اطلاع وعمق استنتاج. فقد تحدّثوا عن اضطرابات الطمث والدورة الشهرية، والآلام المرافقة لذلك، وتشريح الرحم وأمراضه. وكتب الرازي في أمراض النساء والولادة، وضمَّن ابن سينا الجزء الثالث من قانونه الحادي والعشرين كلامًا مفصلاً عن أمراض النساء والولادة بما في ذلك مختلف الأمراض التي تعرض للرحم ومسبباتها، والحامل وما يعتريها أثناء الحمل والولادة. ونجد في الفصل الأول من المقالة الأولى وصفًا تشريحيًا دقيقًا للرحم، وأنه “آلة التوليد التي للإناث… وليس يستتم تجويفها إلا عند استتمام النُّمو… لأنه يكون قبل ذلك معطلاً ولا يحتاج إليه… وموضعها خلف المثانة… ومن قدام المعى، وطولها المعتدل في النساء ما بين ستة أصابع إلى أحد عشر إصبعًا… والرحم تغلظ وتثخن وكأنها تسمن، وذلك في وقت الطمث، ثم إذا طهرت ذبلت ويبست. ولها أيضًا ترفق مع عظم الجنين، وانبساطها بحسب انبساط جثة الجنين. ورقبة الرحم عضلية وفيها مجرى محاذية لفم الفرج… ومنها تبلغ المني، وتقذف الطمث، وتلد الجنين، وتكون في حالة العلوق في غاية الضيق” وشرح ابن سينا وغيره آلية الولادة وكيفية خروج الجنين طبيعيًا بنزول رأسه أولاً، والولادة غير الطبيعية ـ القيصرية ـ بخروج الرجلين أولاً. وقد أجرى الأطباء المسلمون عمليات قيصرية ناجحة. وكتبوا عن العقم وأسبابه، وعزوه إلى أسباب في الرجل وأسباب في المرأة. وعزاه ابن سينا إمّا لسبب “في مني الرجل أو مني المرأة، وإما في أعضاء الرحم، وإما في أعضاء القضيب وآلات المني. أو السبب في المبادئ، كالغم والخوف والفزع، وأوجاع الرأس وضعف الهضم والتخمة وإما لخلط طارئ”. قالوا إن من العقم ما يعود إلى العوائق الآلية في عنق الرحم من تشنج أو تضييق أو بسبب ندب، أو انسداد، أو انقطاع الطمث، أو انقلاب الرحم، أو أمراض الرحم من ورم وقروح وزوائد لحمية. ومن هذا القبيل ما قال به ابن سينا “أما السبب في الرحم فإما سوء مزاج مفسد للمني أو مُضْعِف للقوة الجاذبة للمني … أو مانع إياه عن الوصول لانضمام من الرحم. أو التحام من قروح أو لحم زائد ثؤلولي… أو يعرض للمني في الرحم الباردة الرطبة، ما يعرض للبذور في الأراضي النزَّة، وفي المزاج الحار اليابس ما يعرض في الأراضي التي فيها نورة مبشوشة، وإما لانقطاع المادة وهو دم الطمث… وإما لميلان فيه (أي الرحم)، أو انقلاب… أو لشدة هزال البدن… أو آفة في الرحم ومن ورم وقروح… وزوائد لحمية مانعة”. أما السبب عند الرجل فقد أرجعوه إلى ضعف أوعية المني أو ضعف قوتها المولدة للمني، أو بسبب قصر القضيب نفسه، أو لاعوجاجه فلا يزرق المني في فم الرحم. والمتمعن في كل ما سبق، يجد أن معظم ما وصفه الأطباء العرب من أسباب للعقم، قال بها العلم الحديث وزاد عليها من واقع التطور.بحث الأطباء المسلمون أيضًا في الحمل والوضع، وتطور الجنين داخل الرحم بعد الإخصاب، وشكاوى الحمل ومخاطره والتغيرات التي تطرأ على الحامل، ووجوب مكافحة الإمساك بالملينات لا المسهلات، وأنواع الأطعمة التي ينبغي أن تتناولها الحامل، والابتعاد عن اضطرابات المعدة، وبضرورة ممارسة نوع من الرياضة المعتدلة المتمثلة غالبًا في المشي دون إفراط، واجتناب الحركة المفرطة، والوثب، والضرب، ومراعاة الجانب النفسي لديهن “ولا يورد عليهن ما يغمهن ويحزنهن، ويبعد عنهن جميع أسباب الإسقاط وخصوصًا في الشهر الأول… ويجب أن تشتد العناية بمعدتهن”. كما شخصوا أعراض مانسميه الآن بالحمل الكاذب (الرحا). وبينوا الصفات التشريحية المرضية له، فمثلاً يقول ابن سينا: “إنه ربما تعرض للمرأة أحوال تشبه أحوال الحبالى من التباس دم الطمث وتغيير اللون وسقوط الشهوة، وانضمام فم الرحم. ويعرض انتفاخ الثديين وامتلاؤهما وربما عرض تورمهما، وتحس في بطنها بحركة كحركة الجنين وبحجم كحجم الجنين… وربما عرض طلق ومخاض ولا يكون مع ذلك ولد؛ وربما كان السبب فيه تمددًا وانتفاخًا في عروض الطمث، ولا تضع شيئًا”.تحدث الأطباء المسلمون عن عسر الولادة، وبينوا أن ذلك يعود إلى واحد من: 1ـ الحامل، 2ـ الجنين، 3ـ الرحم، 4ـ القابلة، 5ـ أسباب أخرى. وبينوا تفاصيل مسؤولية كل واحد منها في عسر الولادة. وبحثوا في أنواع أمراض الرحم من أورام حميدة وخبيثة، وهبوط الرحم وتشوهاته وسيلاناته ونزفه. ولم تغب عنهم الأدوية التي تعالج كلاً من هذه الأمراض سواء أكانت عقاقير عشبية، أم حِمْيات غذائية أو أبخرة أو مسهلات منقية. وتكلم ابن سينا بإسهاب عن آفات وضع الرحم وأورامها. ونتوء الرحم وانقلابها وميلانها واعوجاجها، وكذلك الورم الحار في الرحم والورم البلغمي والورم الصلب.الطب النفسي: لم يقتصر الطب عند العرب والمسلمين على العلاج العضوي فحسب، بل تعدّاه إلى العلاج النفسي. وكانوا يرون الوهم والأحداث النفسية من العلل التي تؤثر في البدن. لذا نجد أن إخوان الصفا أشاروا إلى إعطاء المريض الفرصة ليسرد أحوال علّته وأسبابها كما يشعر بها هو، ثم يشرع الطبيب بعد ذلك في محاولة إزالتها ورفع الوهم المسيطر على المريض والتقليل من شأن المرض. وقد خصص الأطباء جناحًا في كل مستشفى كبير للأمراض العصبية والعقلية. وأشار الرازي إلى أهمية العامل النفسي في العلاج، وكان أول طبيب يتوصل إلى الأصول النفسية لالتهاب المفاصل الروماتيزمي. وقد فرق بينه وبين مرض النقرس. انظر: النقرس. وقرر أنه مرض جسدي في ظاهره إلا أنه ناشئ عن الاضطرابات النفسية، وأن أكثر من تظهر عليهم هذه الأعراض من أولئك الذين يكظمون الغيط؛ وبتراكمه يتعرضون لهزات نفسية كبيرة. بل إن الرازي رأى أن بعض أنواع سوء الهضم تنشأ عن أسباب نفسية؛ فقد “يكون لسوء الهضم أسباب بخلاف رداءة الكبد والطحال، منها حال الهواء والاستحمام ونقصان الشرب، وكثرة إخراج الدم والجماع والهموم النفسانية. وينبغي للطبيب أن يوهم المريض بالصحة ويُرجّيه بها، وإن كان غير واثق بذلك. فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس”. وكتب بعض الأطباء رسائل ومؤلفات في الصحة النفسية، فكتب ابن عمران كتابًا عن المالنخوليا، كما كتب ابن ميمون (ت 415هـ، 1024م) رسالة سماها الرسالة الأفضلية تبحث في الحالات النفسية المختلفة كالغضب والسرور والحزن وأثرها في الصحة، وأشار إلى أن علاجها يتم برياضة النفس وتقويتها. وتدل هذه الرسالة على أنه قد أدرك فائدة تسخير قوى النفس في علاج أمراض البدن. وقد كان المجال الذي سلكه أبوعمران موسى بن ميمون في الطب النفسي نقلة نوعية نستشفها من قول الشاعر:
أرى طب جالينوس للجسم وحده وطب أبي عمران للعقل والجسم
كما أدلى ابن الهيثم بدلوه في هذا الشأن عند حديثه عن الموسيقى، فقد كتب عن تأثير الموسيقى في الإنسان والحيوان. ومما يُسجَّل للطبيب العربي في هذا المجال سبقه في استخدام الموسيقى والإيحاء في علاج الأمراض النفسية، وليس بعيدًا أن يكون هناك أطباء عرفوا مبادئ التحليل النفسي ووقفوا من خلاله على عدد من الحقائق المرضية. فنجد أن ابن سينا قد عالج في جرجان أحد أبناء الأمراء بعد أن استعصى علاجه على جميع الأطباء. وتوصل عن طريق الاستقصاء إلى أن الفتى لم يكن به أي مرض عضوي وأنه مشغوف بإحدى فتيات حي معين. وبملاحظة اضطراب نبض الفتى توصل ابن سينا لمعرفة اسم الحي واسم الفتاة. ونظير ذلك ما تردد من قصة علاجه أحد أمراء بني بويه الذي كان قد أصيب بمرض عصبي امتنع معه عن تناول الطعام، وتوهم أنه صار بقرة وينبغي ذبحه. فلما عُرِض عليه أخذ شفرة حادة، وتقدم نحو الأمير وأضجعه موهمًا إياه أنه يريد ذبحه وهو مستسلم. وعند لحظة معينة صاح ابن سينا بصوت مرتفع “هذه بقرة نحيفة هزيلة، أعلفها أولاً حتى تسمن”. وهنا بدأ الأمير في الأكل بشراهة، وكان ابن سينا يدسّ في طعامه الدواء حتى تم له الشفاء. وقد عزا ابن سينا بعض حالات العقم إلى عدم التوافق النفسي بين الزوج والزوجة. وممن اهتموا بالبحث في الأمراض النفسية أبوالبركات هبة الله ابن ملكا (ت 561هـ، 1165م). وقد حاول جادًا استحداث علاج لها، ونجح في ذلك إلى حد أدهش علماء الطب في القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي، وصارت نظرياته في هذا الميدان متداولة بين أطباء العالم في زمانه.
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/465338477.jpgالتشريح كان عدة الطبيب الجراح. لم يقدِم الجراحون المسلمون على تشريح الجسد البشري، وإن كان بعضهم قد فعل ذلك سرًا، لكنهم شرحوا الحيوانات خاصة الخيل والظباء.
التشريح: كان التشريح عُدّة الطبيب الجراح. وصرّح الأطباء المسلمون أن الجراح ينبغي أن يكون عالمًا بالتشريح، ووظائف الأعضاء ومواضعها “ليجتنب في فتح المواد قطع الأعضاء وأطراف العضل والأوتار والألياف”. ولا شك أن الجراحين المسلمين اعتمدوا كثيرًا في فقههم الجراحي على ما ترجموه من اللغة اليونانية وبخاصة كتاب جالينوس الذي ترجم بعنوان قاطاجانس في الجراحات والمراهم. وكانت معرفة الجراحين بهذا الكتاب أمرًا إلزاميًا، لأن الطبيب ينبغي أن يكون واعيًا بكيفية فتح البدن والخياطة واستعمال المراهم وعيًا كاملاً. ومن الكتب الأخرى التي ترجمها المسلمون لجالينوس في التشريح: اختصار كتاب مارنيس في التشريح؛ في تشريح الحيوان الحي؛ في تشريح الحيوان الميت؛ علم أبقراط في التشريح؛ تشريح الرحم؛ تشريح العين؛ تشريح آلات الصوت. وقد ساعدت هذه الترجمات وغيرها المسلمين في علم التشريح ومنافع الأعضاء، ثم استفادوا منها في علم الجراحة. وكان على رأس الاختبارات التي يؤديها الطبيب اختبارًا في علم التشريح يسمى محنة. فعلى سبيل المثال، يقول الرازي في كتابه محنة الطبيب: “فأول ما تسأله عن التشريح ومنافع الأعضاء، وهل عنده علم بالقياس وحسن فهم ودراية في معرفة كتب القدماء، فإن لم يكن عنده ذلك، فليس بك حاجة إلى امتحانه في المرضى. وإن كان عالمًا بهذه الأشياء، فأكمل امتحانه حينئذ في المرضى”. وقد برع ابن طفيل (ت 581هـ،1185م) في تشريح الأجسام الميتة والحية؛ وقد شرَّح ظبية حيّة وشق عن قلبها، وذكر أن الدم الموجود في القلب كالدم الموجود في سائر الجسد، وأنه متى سال من الجسم جمد. شرَّح الأطباء المسلمون عيون الحيوانات، واكتسبوا من ذلك خبرة. وقد وضع ابن عيسى رسالة في تشريح العين وأمراضها الظاهرة والباطنة، ترجمت إلى اللاتينية، وكانت ذات أثر بالغ إبان ما اصطلح عليه في أوروبا القرون الوسطى.ولم يقْدم الأطباء المسلمون على عمليات تشريح الجسد البشري، ولعل ذلك يعود إلى أسباب دينية أو إنسانية أو اجتماعية. لكن هناك من يقولون إن بعضهم قد مارس ذلك سرًّا، ويستدلون على ذلك بدليلين؛ أولهما أنهم وصفوا أجزاء الجسم البشري ـ كالعين والقلب والكبد ـ وصفًا بالغ الدقة، وثانيهما أنهم خرجوا بآراء تخالف آراء كثير من الأطباء اليونانيين، وبينوا خطأهم في بعض ما ذهبوا إليه. فعلى سبيل المثال، نجد أن ابن النفيس ينتقد آراء جالينوس في التشريح، وكذلك آراء ابن سينا الذي قال بآراء جالينوس؛ فقد وجد من خلال تشريحه للقلب والحنجرة أن هناك صلة بين التنفس والنبض، أو بين التنفس وانتقال الدم إلى القلب من الرئتين. فأظهر أخطاء جالينوس وابن سينا فيما يختص بتركيب الرئتين ووظيفتهما، وكذلك وظيفة الأوعية الشعرية التي تربط بين الشرايين والأوردة ووظيفة الحويصلات الرئوية والعروق الممتدة بين الرئة والقلب.ويمكن إيجاز مآثر الأطباء المسلمين وعلى رأسهم ابن النفيس في مجال التشريح فيما يلي: 1ـ اكتشاف الدورة الدموية الصغرى التي تجري في الرئة ويمر الدم خلالها من الشريان الرئوي إلى القلب. وقد يكون هذا الاكتشاف هو الذي مهد الطريق لوليم هارفي ليكتشف الدورة الدموية الكبرى. 2ـ نقل مؤلفات جالينوس وحفاظهم عليها وعدم اتباعهم له في كل ما أتى به، بل درسوه بوعي وأضافوا إليه وخالفوه فيما وجدوا أنه الأصوب. 3ـ الوقوف على تركيب الرئة والأوعية الشعرية، ووصف الشريان الإكليلي ووصف الدورة الدموية فيه، وإثبات أن للقلب بطينين فقط 4ـ إثبات عدم وجود أي هواء أو رواسب مع الدم في شرايين الرئتين ـ مخالفين رأى جالينوس. 5ـ انتقدوا وصف جالينوس للهيكل العظمي؛ فقد بين عبداللطيف البغدادي (ت 619هـ، 1222م) أن الفك الأسفل قطعة واحدة وليس قطعتين بعد أن فحص أكثر من 2,000 جمجمة بشرية 6ـ اكتشف ابن القف (ت 685هـ،1286م) عدد الأغشية القلبية ووظيفتها واتجاه فتحاتها لمرور الدم 7ـ معرفتهم أن الدم يجري إلى الرئتين حيث يتجدد، ويتشبع بالهواء وليس لمدِّهما بالغذاء؛ وهذا ما أكده وليم هارفي فيما بعد. 8ـ وصف علي بن عباس المجوسيّ الدورة الدموية في الأوعية الشعرية أثناء شرحه لوظيفتي الانقباض والانبساط، وكان وصفه دقيقًا إلى حدّ كبير 9ـ تأكيدهم على وجود اتصال بين الشرايين الموجودة في الرئتين وأوردتهما حتى تتم الدورة الدموية داخل الرئة 10ـ ملاحظة أن “تشريح العروق الصغار في الجلد يعسر في الأحياء لتألمهم، وفي الموتى الذين ماتوا بسبب أمراض تقلل الدم كالإسهال والنزف، ويسهل فيمن مات بالخنق…” وهذا قريب مما يؤكده علم الأمراض (الباثولوجيا) حاليًا. 11ـ اكتشاف أن جدران أوردة الرئتين أغلظ كثيرًا من جدران شرايينها، وأنها تتألف من طبقتين 12ـ البراعة في تشريح العيون وإجراء العمليات فيها، وبيّن ابن سينا أن العضلات “المحركة للمقل ست؛ أربع منها في جوانبها الأربعة فوق وأسفل المآقي”، وقال ابن النفيس: “إن العين آلة للبصر وليست باصرة، ومنفعة هذه الآلة تتم بروح مدرك يأتي من المخ. وهذا ما أثبته العلم حاليًا؛ حيث ينقل العصب البصري الصورة إلى الدماغ الذي يقوم بدوره بتفسير المرئيات 13ـ مخالفتهم رأي جالينوس الذي يقول بوجود فتحة في جدار القلب الفاصل بين البطينين، وتوضيح أن الدم يجري في القلب ويدور فيه دورة كاملة، ويتدفق في أوردة الرئتين لينتشر فيهما ويتحد مع الهواء فيتخلص مما فيه من شوائب، ثم يجري في شريان الرئتين ليصل إلى البطين الأيسر بعد امتزاجه بالهواء.
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/203054960.jpgالشقفة مرض وصفه ابن العين زربي في إحدى صفحات كتابه الكافي في القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي.
الأمراض والعلاج: للمرء أن يتخيل القدر الكبير من الأمراض المستوطنة والطارئة في أمة امتدت حدودها من الصين شرقًا إلى الأندلس (أسبانيا) غربًا. هذا إلى جانب المسمَّيات العديدة للمرض الواحد وذلك باختلاف الأمصار التي حلّ بها المسلمون. فعلى سبيل المثال يذكر ابن العين زربي (ت 548هـ،1153م) في خاتمة مقالته عن الشقفة ويسمى الآن الجمرة والخزفة “اعلم أن هذا المرض الذي شاهدناه يعرض في أكثر البلاد مثل أرض الشام والعراق وخراسان ومصر وأرض المغرب، ويسمونه بالشقفة، وقد يسمونه خزفة، وقد يسمى بأرض المغرب إسفنجة، وإنما هو ورم حار… يبتدئ صغيرًا كالدُّمَّل… ثم تتفقأ تلك البثور…”.عرَّف الأطباء المسلمون المرض بأنه حالة يكون فيها العضو في الجسم فاشلاً جزئيًا أو كليًا عن أداء وظيفته. وحصروا أسباب الأمراض وأعراضها. ومعظم من صنف منهم في الأمراض العامة وعلاجها، كان يبدأ من أمراض الرأس متنقلاً عبر الجسم حتى يصل القدم. أما الذين كتبوا كتابات تخصصية فكانوا يكتبون إما عن مرض بعينه وكيفية علاجه، أو عما يصيب عضوًا معينًا في الجسم كالأمراض التي تصيب الرأس، والتي تعرض للعين أو الأذن أو البطن… إلخ. فعلى سبيل المثال، كتب ابن العين زربي حول الأمراض الجلدية وتناول فيما تناول مرض الشقفة؛ وهي الآن تعد من القروح الناتجة عن إصابة الجلد بعدوى جراثيم المكورات العنقودية (نوع من البكتيريا). ومن أمثلة التصانيف المتخصصة كتاب عشر مقالات في العين لحنين بن إسحاق، ويذكر فيه الأمراض التي تصيب العين والأدوية التي تعالج هذه الأمراض وأنواعها؛ المفردة منها أو المركبة، وطريقة تحضير المراهم. يورد الرازي في كتاب الحاوي نماذج مما ينبغي اعتماده في تشخيص الأمراض من مثل “جس النبض، ومراقبة درجة الحرارة، والرَّعشة، واحتقان الوجه، والعينين، والتنفس، والأظافر”. أما ابن سينا فيولي في القانون أهمية لفحص البول وتغيُّر لونه، ومدى صفائه ورائحته، ويوصي الأطباء في المستشفى بضرورة مراقبة المريض بدقة، وتدوين الملاحظات التي تطرأ عليه، وتعليق البيانات على سريره. وفي مجال العلاج النفسي، ركزوا على ضرورة دراسة الأحوال العائلية والمادية والاجتماعية للمرضى، وكان علي ابن عيسى البغدادي يستقصي تاريخ المرض عند المريض بسؤاله عن الأمراض التي أصيب بها في حياته. ويصف الرازي مرض ذات الجنب وذات الرئة وكيفية مداواتهما، وفرّق بين الألم الذي يسببه القولنج والذي تسببه الكلى، وعالج التهاب اللوزتين. كما ميّز ابن سينا بين الشلل الناجم عن سبب مركزي في الدماغ، والآخر الناجم عن سبب محلي خارج الدماغ، وميّز بين الالتهاب السحائي الحاد والثانوي. وشخص الالتهاب الرئوي، والأمراض المختلفة التي تعرض للكبد، ووصف المغص المعوي والكلوي. كما اكتشف أبو الحسن علي بن سهل الطبري (ت 366هـ، 976م) لقاحًا ضد داء الجرب، وقد عالج الأطباء المسلمون الشلل والنزف بالأدوية المبردة وبالماء البارد. وعالجوا خلع الكتف بطريقة تشبه إلى حد كبير الطريقة الجراحية الحديثة. وكان لسان الدين بن الخطيب أول من أشار إلى أن الطاعون مرض مُعْدٍ؛ ينتقل عن طريق العدوى من شخص إلى آخر. ويتبين من مؤلفات ابن التميمي أنه “… عمل عدة معاجين ولخاخ طبية ودخنًا دافعًا للوباء…”، وكان هذا الدخن الدافع للوباء هو الذي أوحى للأطباء فيما بعد بفكرة استعمال التبخير لقتل الجراثيم. وكان للأطباء المسلمين السبق العلمي حين وصفوا الجذام، وأمراض العيون، واستعمال الماء البارد في علاج التيفوئيد.اتبع الأطباء المسلمون إلى جانب العزل في المستشفيات أساليب متنوعة أخرى في العلاج. فكانوا يدرسون سير المريض اليومي، ويلاحظون المريض من حيث تنفسه ولون بوله ورواسبه وبرازه، ونبضه، ولون جلده وأظافره، وقياس درجة حرارته. ويراقبون تقدم حاله مع استخدام العلاج الموصوف؛ كل هذا يُعرف اليوم بالفحص السريري.يعد الرازي أول من وصف الجدري والحصبة بوضوح، ويعتبر كتابه الحاوي بمثابة سجل دقيق لملاحظاته على مرضاه وسير المرض لديهم. كما أن ابن زهر كان أول من وصف خُرّاج الحيزوم والتهاب التامور الناشف والانسكابي، وكان دقيق الوصف للحوادث السريرية. والأطباء المسلمون أول من لفت الأنظار إلى شكل الأظافر لدى مرضى السل. وكان ابن سينا في كتابه القانون في الفصل الخاص بالديدان المعوية، أول من أشار إلى دودة الإنكلستوما والمرض الذي تسببه والذي سمَّاه الرهقان (الإنكلستوما). وقد سمى ابن سينا هذه الدودة باسم الدودة المستديرة، وهي التي أعاد دوبيني اكتشافها في إيطاليا عام 1254هـ، 1838م. ووصف ابن سينا مرض الفيل (الفيلارية) وانتشاره في الجسم، كما كان أول من وصف النار الفارسية (الجمرة الخبيثة).يُحمد للأطباء المسلمين تمييزهم بين الأمراض ذات الأعراض المتشابهة؛ مما ساعدهم على علاجها، فقد ميزوا بين الالتهاب الرئوي والتهاب البلورة، وبين الأخير والتهاب الحجاب الحاجز، وبين الالتهاب السحائي الأولي والثانوي، وبين المغص المعوي والكلوي، وبين الشلل الناتج عن سبب مركزي والناتج عن سبب خارجي.حافظ الأطباء المسلمون، في كتاباتهم عن الأمراض العقلية وعلاجها، على روح علمية صادقة تؤازرها الملاحظة والتجربة، فلم يعزوا ـ كما فعل أطباء الحضارات التي سبقتهم ـ تلك الأمراض إلى التأثيرات الخارجة عن النطاق الطبيعي كعمل الأرواح الشريرة التي أتت بهذه الأمراض عقابًا لآثام البشر، بل نجد استقراء وتشخيصًا ومعالجة في الحدود الطبيعية لجسم المريض وظروفه البيئية والاجتماعية التي تؤثر فيه.
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/764778617.jpgالبيمارستان النوري الكبير في الشام كان من أهم البيمارستانات.
المستشفيات. كان يطلق عليها البيمارستانات، وكانت أحد المظاهر المهمة لتقدم الرعاية الطبية لدى المسلمين. وقد عرف العالم الإسلامي هذه المستشفيات منذ عهد الرسول ³ وبالتحديد إبان غزوة الخندق (5هـ، 627م)؛ عندما أمر بضرب خيمة متنقلة للصحابية رفيدة بنت سعد الأسلمية، وكانت أول مستشفى حربيًا متنقلاً لتطبيب الجرحى. وعرف المسلمون نوعين من البيمارستانات: المتنقلة والثابتة. وكانت المتنقلة منها أسبق، وكانت تنقل من مكان إلى آخر في ضوء الحاجة إليها كانتشار الأوبئة أو بسبب الحروب كما حدث في غزوة الخندق. وكانت هذه البيمارستانات تجهز بمعظم مستلزمات المستشفى الثابت من حيث الأدوات والعقاقير والطعام والشراب والأطباء، وكانت تنقل من منطقة إلى أخرى حيث لا توجد بيمارستانات ثابتة. وبتطور شكل الدولة صارت تصحب الملوك والأمراء في رحلاتهم للقنص والحج وخلافهما. وبلغت ضخامة بعض هذه البيمارستانات أن كانت تحملها قافلة من الإبل مكونة من 40 جملاً. وكان السلطان الظاهر برقوق (ت 801هـ، 1398م) يصطحب مستشفى محمولاً كبيرًا جدًا. وظهرت فكرة المستشفيات المتنقلة بشكلها المنتظم في العهد العباسي؛ ففي عهد الخليفة المقتدر تأسس أول مستشفى مدني متنقل ليعالج المرضى في شتى مناطق الخلافة. أما المستشفيات الثابتة بشكلها المكتمل فقد عرفت لأول مرة في عهد الوليد بن عبدالملك (88هـ، 706م) وجعل فيها الأطباء وأجرى لهم الأرزاق، وأمر ببناء مستشفى لمعالجة المجذومين وحبسهم حتى لا يمدوا أيديهم بالسؤال، وخصص لكل ضرير دليلاً ولكل مُقعد خادمًا. وباتساع رقعة الدولة الإسلامية كثرت البيمارستانات الثابتة لا سيما في المدن الكبرى مثل بيمارستان هارون الرشيد في بغداد، وكان يرأسه ماسويه الخوزي، من أطباء بيمارستان جنديسابور. وكان بها أيضًا بيمارستان البرامكة، وكان يقوم بالطبابة فيه ابن دهني، وبيمارستان ابن طولون، وهو أول مستشفى من نوعه في مصر، وكان ممنوعًا فيه علاج الجنود والمماليك، وكان أحمد بن طولون يشرف بنفسه عليه ويزوره كل يوم جمعة. ومن أهم البيمارستانات التي أنشئت في مصر: زقاق القناديل، العتيق، القشايش، السقطيين، الناصري، الإسكندرية، الكبير المنصوري، والمؤيدي. ومن أهمها في الشام البيمارستان النوري الكبير، والقيمري، وآراغون، وأنطاكية، وحماة، والقدس، وعكا. وازداد عدد هذه البيمارستانات في عهد الأيوبيين والمماليك خاصة في الشام والعراق. ويعود ذلك إلى الظروف التي طرأت بسبب الحروب الصليبية، ولم تخل بلدة آنذاك من مستشفى متنقل أو ثابت.
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/891990148.jpgمخطط للبيمارستان النوري
العمل في البيمارستانات. كانت البيمارستانات تقسم إلى قسمين منفصلين؛ أحدهما للذكور والآخر للإناث. وكان كل قسم مجهزًا بما يحتاج إليه من آلات وخدم ومشرفين من الرجال والنساء. وينقسم كل قسم من هذين القسمين إلى قاعات تخصصية؛ فهناك قاعة للأمراض العقلية، وقاعة للأمراض الباطنية، وقاعة للجراحة، وقاعة للكحالة، وقاعة لتجبير العظام وقاعة للبرص. وكانت كل قاعة مقسمة بدورها لتخصصات أدق؛ فقاعة الأمراض الباطنية، على سبيل المثال، بها قسم للحُمَّيَات، وقسم للمبرودين (المتخومين)، وقسم للإسهال… وهكذا. وكانت هذه البيمارستانات فسيحة جيدة البناء وباحاتها الداخلية وأبهاؤها واسعة، وكانت تعتمد على الأوقاف في نفقاتها؛ سواء ما ينفق على المرضى أو الأطباء أو الطلاب. وكانوا يسجلون هذه الأوقاف في حجج مكتوبة ينقشونها على حجارة للتأكيد على توثيقها. وكان الماء فيها جاريًا بصورة مستمرة، ولكل بيمارستان رئيس يطلق عليه ساعور البيمارستان، ولكلّ قسم رئيس؛ فهناك رئيس للجرائحية (الجراحين) ورئيس للكحالين ورئيس للأمراض الباطنة.وألحقت بكل مستشفى شرابخانة (صيدلية) سميت في عصور لاحقة أجزخانة، لها رئيس يسمى المهتار؛ أي الشيخ الصيدلي، يساعده غلمان يطلق على كل واحد منهم شراب دار. وكان لكل بيمارستان ناظر يشرف على الإدارة. ومن الوظائف المهمة في البيمارستان رئيس الأطباء، ويرأس مجموعة الأطباء، ويأذن لهم بالتطبيب، ويحدد لهم مواعيد تناوب العمل، ويحدد لكل طبيب موعدًا معلومًا لزيارة القاعة التي يعالج فيها مرضاه. وتأتي بعد وظيفة رئيس الأطباء وظيفة رئيس التخصص؛ كرئيس الكحالين الذي يرأس أطباء العيون وسلطته عليهم كسلطة رئيس الأطباء، ورئيس الجرائحية الذي يرأس الجراحين ومجبري العظام. وكان هؤلاء الأطباء مقدمين، يكرمهم الخلفاء والأمراء والوجهاء ويغدقون عليهم، ولم يمنع هذا الإكرام الكثيرين من العمل في البيمارستانات احتسابًا لوجه الله.إلى جانب الصيدلية الملحقة بالبيمارستان، كان لكل بيمارستان حمام عام ومكتبة، ومكان يخصص لرئيس الأطباء يقوم فيه بإلقاء الدروس على الطلاب. وكانت هذه البيمارستانات تستقبل المرضى من مختلف الأجناس والطبقات من الذكور والإناث، من المسلمين وغيرهم، وتوفِّر للمريض إقامة كاملة تتضمن المأوى والطعام إلى جانب الرعاية الطبية دون مقابل. والمتَّبع في هذه البيمارستانات أنه بمجرد السماح للمريض بالدخول، تنزع ثيابه وتحفظ في مكان خاص إلى أن يخرج معافىً، ثم يمنح ثيابًا أخرى نظيفة، ويظل فيه إلى أن يبرأ تمامًا. وعلامة ذلك أن يستطيع أكل رغيف كامل من الخبز وفرُّوج (دجاجة) ثم يخرج برازًا كاملاً. بعد ذلك يعطى صدقة البيمارستان؛ ثوبًا وبعض المال، حتى يخلد إلى الراحة في فترة النقاهة ولا يضطر للعمل.كانت البيمارستانات بمثابة مستشفيات تعليمية، يتلقّى فيها طلاب الطب علومهم. فبعد أن يتفقد الطبيب مرضاه ومعه طلابه، يأتي إلى إيوان خاص مزوّد بكل الآلات والكتب ثم يلقي عليهم دروسه أو يناقش معهم بعض الحالات التي وقفوا عليها. وكان بعض كبار الأطباء يجعل له مجلسًا عامًا في منزله أو في المدارس الخاصة لتدريس الأطباء الجدد.كان اختيار مواقع هذه المستشفيات يتم بعد البحث والتقصي لتشييدها في أكثر الأماكن ملاءمة من حيث المناخ؛ فيذكر أن عضد الدولة لما طلب من الرازي اختيار موضع يقيم عليه البيمارستان العضدي في بغداد، أمر الرازي أن تعلّق قطع من اللحم في وقت واحد في أماكن مختلفة من المدينة فأيها أسرع إليه الفساد تركوه لسوء هوائه.أشهر البيمارستانات (المستشفيات) في العصر الإسلامي القديم البيمارستان المؤسس أهم أطبائه موقعه الرشيد هارون الرشيد جبريل بن بختيشوع بغداد أبو الحسن الجراج أبو الحسن الجراج يعقوب الدمشقي الحربية ـ بغداد السيدة أم المقتدر سنان بن ثابت 321هـ، 933م يوسف بن يحيى المنجم سوق يحيى ـ بغداد المقتدري المقتدر بالله 306هـ، 918م يوسف الواسطي باب الشام ـ بغداد ابن الفرات أبو الحسن علي بن الفراتأوائل القرن الرابع الهجري - بغداد معز الدولة معز الدولة بن بويه 355هـ، 965م - بغداد العضدي عضد الدولة بن بويه 732هـ، 1331م جبريل بن عبيدالله بن بختيشوع غرب بغداد واسط مؤيد الملك الحسن الرخّجي 413هـ، 1022م - بغداد الموصل مجاهد الدين قيماز 572هـ، 1176م - دجلة ـ بغداد زقاق القناديل والمعارف الفتح بن خاقان - الفسطاط ـ مصر العتيق أحمد بن طولون 261هـ، 874م - مصر الأسفل الأخشيد 346هـ، 957م - الفسطاط ـ مصر القشاشين - - الخراطين بالغرب من الأزهر السِّقطيِّين - شهاب الدين الكحال أسفل القاهرة الناصري صلاح الدين الأيوبي 567هـ، 1171م ابن موسى بن ميمون القصر الفاطمي ـ القاهرة الإسكندرية صلاح الدين الأيوبي 577هـ، 1181م - الإسكندرية المنصوري الكبير علم الدين سنجر الشجاعي 683هـ، 1284م أحمد بن يوسف بن هلال القاهرة المؤيدي الملك المؤيد 823هـ، 1420م - باب زويلة ـ مصر الكبير النوري نور الدين زنكي 580هـ، 1184م أبو المجد بن أبي الحكم الباهلي دمشق النوري نور الدين زنكي المختار بن بطلان حلب القدس صلاح الدين الأيوبي يعقوب بن صقلاب المقدسي فلسطين عكا صلاح الدين الأيوبي - فلسطين صفد الأمير تنكز - فلسطين الصالحية سيف الدين الكندي - قاسيون ـ دمشق الجبل - عبدالوهاب بن سحنون نيوب ـ دمشق غزة علم الدين سنجر الجاولي 730هـ، 1329م - فلسطين آراغون الكاملي سيف الدين الكاملي 755هـ، 1354م - حلب الرملة محمد بن فضل الله القبطي - فلسطين نابلس محمد بن فضل الله القبطي - فلسطين مكة المستنصر العباسي 628هـ، 1230م - شمال المسجد الحرام المدينة الظاهر بيبرس 663هـ، 1264م محي الدين بن تمام المدينة المنورة الرَّي حوالي 300هـ، 912م الرازي أصبهان 400هـ، 1009م ابن مندويه الأصبهاني أصبهان ـ فارس شيراز - محمد بن مسعود الشيرازي شيراز ـ فارس نيسابور عبدالملك بن إبراهيم النيسابوري 400هـ، 1009م - نيسابور ـ فارس تبريز رشيد الدين فضل الله 710هـ، 1310م - تبريز ـ فارس خوارزم 700هـ، 1300م الصهيوني الشامي خوارزم قيسارية كوهي خاتون 602هـ، 1205م - قيسارية ـ بلاد الروم المدرسة الشفائية كيكاوس السلجوقي ابن أرسلان 614هـ، 1217م - سيواس ـ بلاد الروم أماصية إيلدوزمن خاتون 708هـ، 1308م - سيواس ـ بلاد الروم ديوركي توران خاتون 614هـ، 1217م - سيواس ـ بلاد الروم محمد الفاتح محمد الفاتح 905هـ، 1499م - القسطنطينية السلطان سليم السلطان سليم 970هـ، 1562م - القسطنطينية أدرنه بايزيد الثاني 890هـ، 1485م شهاب الدين يوسف تركيا علاء الدين قيقباد 616هـ، 1219م - بلاد الروم قصطاموني 671هـ، 1272م - بلاد الروم السلطان أحمد السلطان أحمد 1025هـ، 1616م - إسطنبول تونس - محمد الشريف الزكراوي سيدي محرز مراكش المنصور أبو يوسف 580هـ، 1184م أبو إسحاق الداني مراكش سلا أبو العباس بن عاشر الأنصاري 750هـ،1349م ابن عاشر بلاد المغرب سيدي فرج أبو يعقوب يوسف بن عبدالحق 685هـ، 1286م فرج الخزرجي فاس غرناطة محمد الخامس 767هـ، 1365م - الأندلس روّاد الطب وأهم مؤلفاتهم. كان العمل في حقل الطب في بداية الأمر مهنة يزاولها كل من قرأ الطب على أحد أهل الصناعة المرموقين، إلا أنه بمرور الزمن تسلَّل إلى حقل الطب عدد كبير من الأدعياء. واتفق أن أخطأ أحد هؤلاء نحو عام 319هـ، 931م أثناء علاجه أحد العامة مما أدى إلى موت المريض، فأمر الخليفة المقتدر بالله ألا يمارس مهنة الطب إلا من يجتاز امتحانًا يشرف عليه سنان بن ثابت بن قرة. وقام سنان بعقد امتحان لنحو 900 من المتطببين؛ مما كشف عن كثير من هؤلاء الأدعياء. وصار هذا الأمر فيما بعد تقليدًا متبعًا في معظم أمصار المسلمين. ثم وُكِل إلى المحتسب، فيما بعد، أمر تنظيم اختبار الأطباء وفحص معلوماتهم، والتعرف على مقدراتهم وكفاياتهم ومدى حذقهم لصناعة الطب. وكان المحتسب يأخذ على الأطباء عهدًا على غرار قسم أبقراط يلتزم فيه كل واحد منهم “أن تكون رغبته في معالجة المريض أقوى من رغبته في الحصول على أجر العلاج، وأن تكون رغبته في معالجة الفقير أقوى من رغبته في معالجة الغني”، كما يستحلفهم ألا يعطوا أحدًا دواءًا مضرًا، وألا يذكروا للنساء الدواء الذي يؤدي إلى الإجهاض، ولا للرجال الدواء الذي يقطع النسل، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم عند دخولهم على المرضى، وألا يفشوا الأسرار ويهتكوا الأستار.اشتهر كثير من الأطباء العرب وذاع صيتهم في صدر الإسلام، منهم الحارث بن كلدة (ت نحو 13هـ، 634م) وهو من الطائف، وابنه النضر الذي قتله الرسول ³ سنة 2هـ، 624م، ورفيدة، وكعيبة، وأم عطية الأنصارية أيام الرسول ³، وابن أبي رمثة التميمي، والحكم الدمشقي، وابن أثال طبيب معاوية بن أبي سفيان، وبتاذون طبيب الحجاج بن يوسف. وقيل إن الحجاج طلب منه نصيحة طبية فقال له: “لا تتزوج من النساء إلا شابة ولا تأكل من اللحم إلا فتيًا، ولا تأكله حتى ينعم طبخه، ولا تشربن دواء إلا من علة، ولا تأكل عليه شيئًا، ولا تحبس الغائط والبول، وإذا أكلت في النهار فنم، وإذا أكلت في الليل فتمشَّ ولو مائة خطوة”. كما اشتهرت في أواخر عهد بني أمية زينب طبيبة بني أوْد؛ وكانت عارفة بالأعمال الطبية، خبيرة بالعلاج ومداواة آلام العين والجراحات.واشتهر من الأطباء غير المسلمين في أوائل عهد الدولة العباسية، جبرائيل بن بختيشوع وابن ربن الطبري ويوحنا بن ماسويه وإسحاق بن حنين، ومنكة وشاناق وكانا من الهند. ولم يختلف طب هؤلاء، من الناحية العملية، كثيرًا عما كان عليه في نهاية العصر الأموي. ولكن في أواخر عصر الترجمة؛ أي بعد منتصف القرن الرابع الهجري، ظهرت بشائر عهد التأليف. وكان كتاب علي بن سهل الطبري فردوس الحكمة طليعة عهد جديد زاهر في الطب العربي، وصل منتهاه في عصر الشيخ الرئيس ابن سينا. في هذا العهد نبغ أطباء انتقلوا بمهنة الطب نقلة نوعية، واشتهر من الأطباء المسلمين أبوبكر الرازي، وقد تتلمذ على الطبري وكان قد تولى رئاسة بيمارستان الريِّ ثم البيمارستان المقتدري في بغداد. وقد ألف في الطب نحو 56 كتابًا، ومن أعظم مؤلفاته كتاب الحاوي في الطب والمنصوري في التشريح؛ محنة الطبيب ومنافع الأغذية؛ رسالة في الجدري والحصبة، وهو أول من فرق بينهما وأشار إلى انتقالهما بالعدوى. وأول من استخدم فتيلة الجرح المسماة بالقصاب، وأمعاء الحيوانات لخياطة الجروح وأول من استخدم الرصاص الأبيض في المراهم وأدخل الزئبق في المسهِّل. ومن نصائحه المشهورة للأطباء، والمرضى: “مهما قدرت أن تعالج بالأغذية، فلا تعالج بالأدوية، ومهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب” وكذلك “إذا كان الطبيب عالمًا والمريض مطيعًا فما أقل لبث العلة”. “ينبغي للطبيب أن يوهم المريض بالصحة ويُرَجِّيه بها وإن كان غير واثق بذلك؛ فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس”. ومن المعلوم أن الرازي توفي قبل أن يحرر الحاوي؛ فبقيت مسوداته عند أخته إلى أن أظهرها ابن العميد (ت 360هـ، 970م). وقد ترجم الحاوي إلى اللاتينية الطبيب اليهودي فرج بن سالم بطلب من كارل إنجو ملك نابولي وصقلية من 665هـ، 1266م إلى684هـ، 1285م. وأصبح من الكتب المعتمدة في دراسة الطب في أوروبا إبان القرون الوسطى. انظر: الرازي، أبو بكر محمد.ومن أطباء تلك الحقبة (القرن الرابع الهجري) المشهورين إخوان الصفا. فقد جمعوا في رسائلهم كثيرًا من علوم عصرهم الطبية، وقد نصحوا بالاعتدال في الباءة (النكاح)، والطعام والشراب وتحدثوا عن أثر المناخ في الصحة. وقد برعوا في المعالجة بالتحليل النفسي؛ فنصحوا بأن يعطى المريض مجالاً لسرد أحواله وأسباب علته كما يشعر هو بها.ومن الأطباء المشهورين أيضًا علي بن عباس المجوسي (ت 383هـ، 994م). وقد ألف الكتاب الملكي، أو كامل الصناعة الطبية وهو أكثر إيجازًا وتنسيقًا من كتاب الحاوي، وانتقد المجوسي فيه جهابذة الأطباء اليونانيين والعرب، وتحدث فيه عن الشرايين الشعرية وبعض الملاحظات السريرية وحركة الرحم. وترجم هذا الكتاب إلى اللاتينية مرتين عام 898هـ، 1492م بفينيسيا وعام 930هـ، 1523م بمدينة ليدن، والكتاب يحتوي على 20 مقالة تناولت الأولى والثانية منها فصولاً في علم التشريح؛ كانت المرجع الرئيسي لعلم التشريح في جامعة سالرنو بإيطاليا.ومن أطباء تلك الفترة أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي (ت 427، 1035م)، وأشهر مؤلفاته كتابه المعروف بالزهراوي والتصريف لمن عجز عن التأليف. والزهراوي أول من نبغ في الجراحة بين العرب. وكتابه التصريف كان ذا أثر عظيم في النهضة الطبية في أوروبا مدى خمسة قرون، واحتل المكانة التي كانت لكتاب بولس الإيجنطي في الجراحة. ومن المسائل التي تناولها الكتاب إلى جانب الجراحة؛ وصف الكسور والخلع والشلل الناشئ من كسر السلسلة الفقرية، والأمراض الباطنية وتعليم القوابل، وإخراج الجنين الميت وجراحة العين، وأمراض النساء وصور الكثير من أدوات الجراحة وأكثرها من ابتكاره. وترجم الكتاب إلى العبرية واللاتينية عام 901هـ، 1495م واستراسبورج عام 939هـ، 1532م، وبال عام 948هـ، 1541م. انظر: الزهراوي، أبو القاسم.
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/581511915.jpgكتاب القانون ترجم إلى اللاتينية 16 مرة خلال الثلاثين سنة الأخيرة من القرن 15م، و20 مرة خلال القرن 16م.
كان ابن سينا (ت 428هـ، 1037م) أعظم أطباء عصره، وأطلق عليه لقب الشيخ الرئيس، وقد نبغ إلى جانب الطب في الأدب والفلسفة والعلوم ولما يبلغ العشرين بعد. ومن أشهر آثاره في الطب كتاب القانون في الطب وهو موسوعة طبية ضافية، ويمثل القمة العلمية التي وصلت إليها الحضارة العربية الإسلامية في فنون الطب من حيث التجربة أو النقل. اشتهر هذا الكتاب في أوروبا إبان العصور الوسطى، وكان الكتاب المدرسي المقرر في الطب في جامعتي مونبلييه ولوفان في منتصف القرن السابع عشر الميلادي. ترجمه إلى اللاتينية جيرارد الكريموني، وطبعت ترجمته 16 مرة خلال الثلاثين سنة الأخيرة من القرن الخامس عشر الميلادي، و 20 مرة في القرن السادس عشر. وطبع بالعربية مرتين أولاهما في روما عام 1593م والثانية في بولاق بمصر سنة 1294هـ، 1877م. ورغم أن لابن سينا مذهبًا خاصًا في النظر إلى الأرواح والكواكب وتأثير العالم الأعلى في العالم الأسفل، ورغم سيطرة الفلسفة على تفكيره، إلا أن شيئًا من ذلك لم يتسرب إلى مذهبه في الطب؛ فقد اتخذ منهجًا تجريبيًا بحتًا في الطب والعلاج. انظر: ابن سينا . أما ابن النفيس (ت 687هـ، 1288م) فهو أعظم الأطباء في الحقبة التي تلت عصر ابن سينا. وقام بدراسة آراء جالينوس وابن سينا دراسة واعية وأظهر آراء مخالفة لآرائهما في كتابه المسمى شرح قانون ابن سينا. فقد انتقد أقوالهما في وصف العروق الموصلة بين الرئة والقلب ووظائفها، ووظائف الرئتين، واعتمد التشريح المقارن أسلوبًا له في هذا العمل البحثي. ولم يتبقَّ من كتب ابن النفيس سوى الموجز في الطب وكتاب شرح قانون ابن سينا. وعند شرحه للقسم المتعلق بالتشريح في كتاب شرح قانون ابن سينا أولى عناية كبيرة بتشريح القلب، واتصال العروق به وبتشريح الحنجرة، لأنه كان يرى صلة بين التنفس والنبض وانتقال الدم من الرئة إلى القلب والعكس. ويعود له شرف اكتشاف الدورة الدموية الصغرى التي تصف مرور الدم من الشريان الرئوي إلى القلب. كما كان لابن النفيس اهتمام بطب العيون والعلاج بالغذاء والدواء والعلاج بالجراحة. انظر: ابن النفيس . ولمزيد من المعلومات عن أشهر الأطباء ومؤلفاتهم انظر: جدول أشهر الأطباء وأهم مؤلفاتهم في هذه المقالة.أشهر الأطباء وأهم مؤلفاته الطبيب تاريخ وفاته أهم مؤلفاته أبو الحسن علي بن سهل الطبري بعد سنة 236هـ، 850م فردوس الحكمة. جبرائيل بن يختيشوع 218هـ، 833م رسالة في المطعم والمشرب؛ كتاب في الباه؛ رسالة مختصرة في الطب. يوحنا بن ماسويه 243هـ، 857م البرهان؛ البصيرة؛ الفصد والحجامة؛ الحميات. الرازي 311هـ، 923م الحاوي؛ المنصوري؛ رسالة الجدري والحصبة؛ كتاب الحصى في الكلى والمثانة؛ كتاب من لا يحضره الطبيب. يختيشوع بن جبرائيل 256هـ، 869م كتاب في الحجامة. يعقوب بن إسحاق، الكندي 260هـ، 873م الأدوية المشفية من الروائح المؤذية؛ علة الجذام وأشفيته؛ عضة الكلب؛ وجع المعدة والنقرس؛ أقسام الحميات. عيسى بن علي نحو 270هـ، 883م المنافع التي تستفاد من أعضاء الحيوان؛ كتاب السموم. أبو العباس السرخسي 286هـ، 899م المدخل إلى صناعة الطب. أبو الحسن ثابت بن قرة الصابئي 288هـ، 900م النبض؛ وجع المفاصل والنقرس؛ الذخيرة في علم الطب. أبو نصر عبدوس 289هـ، 901م التذكرة في الطب. يحيى بن حكيم الحلاجي 289هـ، 901م تدبير الأبدان النحيفة التي قد علتها الصفراء. أبو علي خلف الطولوني بعد سنة 300هـ، 912م النهاية والكفاية في تركيب العينين. إسحاق بن عمران بعد سنة 320هـ، 932م نزهة النفس، المالنخوليا، الاستسقاء، علل القولنج، الأدوية المفردة. ابن الجزار أبو جعفر نحو 320هـ، 932م زاد المسافر؛ الأدوية المفردة؛ الأدوية المركبة؛ المعدة: أمراضها ومداواتها؛ طب الفقراء؛ البلغة في حفظ الصحة. أبوبكر محمد بن خليل الرقي بعد سنة 320هـ، 932م شرح مسائل حنين بن إسحاق في الطب. سعيد بن البطريق 328هـ، 939م الطب علم وعمل. أبو الفرج علي بن هندو نحو 330هـ، 941م مفتاح الطب. أبو الخير بن الخمار بعد سنة 330هـ، 941م امتحان الأطباء. الحسن بن الحائك الهمداني 334هـ، 945م كتاب القوى. البالسي بعد سنة 357هـ، 967م التكميل في الأدوية المفردة. أبو جعفر بن أبي الأشعث نحو 360 هـ، 970م البرص والبهق؛ كتاب الصرع؛ القولنج وأصنافه. موسى بن العازار الإسرائيلي نحو 363هـ، 973م السعال. أبو الحسن أحمد بن محمد الطبري بعد سنة 366هـ، 976م المعالجات البقراطية؛ رسالة في طب العيون. أبو داوود سليمان بن جلجل الأندلسي نحو 377هـ، 987م طبقات الأطباء والحكماء. أبو العباس البلدي نحو 380هـ، 990م تدبير الحبالى والأطفال والصبيان. علي بن عباس المجوسي 383هـ، 993م كامل الصناعة الطبية. أعين بن أعين 385هـ، 595م كناش؛ أمراض العين ومداواتها. جبرائيل بن عبدالله بن يختيشوع 396هـ، 1005م الكافي؛ عصب العين؛ مقالة في ألم الدماغ بمشاركة المعدة. علي بن عيسى الكحال 400هـ، 1009م تذكرة الكحالين. أبو الفرج جورجيس اليبروديّ بعد سنة 400هـ، 1009م مقالة الفرخ أبرد من الفروج؛ نقض كلام ابن الموفقي في النبض. أبو الفرج عبدالله بن الطيب بعد سنة 406هـ، 1015م النكت والثمار الطبية والفلسفية؛ تعاليق في العين؛ تفسير كتب جالينوس. عمار بن الموصلي نحو 411هـ، 1020م المنتخب في علم العين وعللها ومداواتها. علي بن سليمان بعد سنة 411هـ، 1020م اختصار كتاب الحاوي؛ الأمثلة والتجارب والأخبار الطبية. أبو الحسن بن بختويه بعد سنة 420هـ، 1029م كنز الأطباء؛ الزهد في الطب؛ الفصد إلى معرفة القصد. أبو القاسم الزهراوي 427هـ، 1035م الزهراوي؛ التصريف لمن عجز عن التأليف. ابن سينا 428هـ، 1036م القانون في الطب. أبو الحسن علي بن رضوان 453هـ، 1061م شرح كتاب الفرق لجالينوس؛ الأصول في الطب؛ علاج الجذام؛ الأورام. أبو سعيد عبيدالله بن جبرائيل بن يختيشوع 453هـ، 1061م مناقب الأطباء؛ الروضة الطبية؛ التواصل إلى حفظ التناسل؛ نوادر المسائل. أبو كثير إفرائيم بن إسحاق بعد سنة 453هـ، 1061م تعاليق ومجربات. أبو الحسن بن بطلان بعد سنة 455هـ، 1063م تقويم الصحة؛ علة نقل الأطباء المهرة؛ المدخل إلى الطب؛ دعوة الأطباء. علي بن إبراهيم الكفرطابي بعد سنة 460هـ، 1067م تركيب العين. أبو القاسم النيسابوري بعد سنة 460هـ، 1067م منافع الأعضاء؛ شرح كتاب المسائل في الطب لحنين ابن إسحاق؛ شرح كتاب الفصول لأبقراط. أبو المطرف اللخمي بعد سنة 460هـ، 1067م الأدوية المفردة، ؛ الوساد في الطب؛ مجربات في الطب؛ تدقيق النظر في علل حاسة البصر؛ المغيث. أبو العلاء صاعد بن الحسن 464هـ، 1071م التشويق الطبي. يحيى بن جزلة بعد سنة 466هـ، 1073م تقويم الأبدان؛ منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان. الفضل بن جرير التكريتي بعد سنة 472هـ، 1079م أسماء الأمراض واشتقاقاتها. أبو نصر يحيى التكريتي بعد سنة 472هـ، 1079م الباه ومنافع الجماع ومضاره؛ منافع الرياضة وجهة استعمالها. أبو الفضل السكري ب. بعد سنة 482هـ، 1089م اختصار كتاب المسائل لحنين بن إسحاق. الرميلي الأندلسي بعد سنة 484هـ، 1091م البستان في الطب. أبو الحسن بن هبة الله بن الحسين 495هـ، 1101م المغني في الطب؛ الإقناع في الطب؛ اليرقان. أبو الخطاب بن أبي طالب بعد سنة 500هـ، 1106م الشامل في الطب. مروان بن جناح 515هـ، 1121م التلخيص. أبوبكر الداني بعد سنة 516هـ، 1122م التذكرة. أبو جعفر بن حسداي 522هـ، 1128م شرح كتاب الإيمان لأبقراط؛ تعاليق وفوائد. أبو العلاء بن زهر 525هـ، 1130م الخواص؛ الأدوية المفردة؛ حل شكوك الرازي، النكت الطبية. أبو الصلت بن أبي الصلت 529هـ، 1134م الأدوية المفردة؛ الانتصار لحنين بن إسحاق. ابن باجة أبوبكر الصايغ 533هـ، 1138م كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس؛ اختصار الحاوي للرازي؛ المزاج بما هو طبي. أبو المظفر بن المعرف بعد سنة 534هـ، 1139م مختارات في الطب. أبو عبدالله الألبيري 537هـ، 1142م مداواة العين. موفق الدين بن العين زربي بعد سنة 547هـ، 1152م الكافي، شرح كتاب الصناعة الصغيرة لجالينوس؛ مجربات في الطب؛ مقالة في الحصى وعلاجه. أبو العشائر بن جميع الإسرائيلي بعد سنة 547هـ، 1152م الإرشاد لمصالح الأنفس والأجساد؛ التصريح المكنون في تنقيح القانون؛ مقالة في الليمون وشرابه ومنافعه. أبو مروان بن زهر 557هـ، 1161م التيسير في المداواة والتدبير؛ الأغذية؛ مقالة في علل الكي. أمين الدولة بن التلميذ 560هـ، 1164م اختصار كتاب الحاوي للرازي؛ اختصار كتاب مسكويه في الأشربة؛ الحواشي على كتاب القانون. أبو البركات بن ملكا البلدي 561هـ، 1165م اختصار التشريح. السموأل بن يحيى المغربي بعد سنة 564هـ، 1168م المفيد الأوسط في الطب؛ كتاب الباه. أبو جعفر المغربي 575هـ، 1179م شرح كتاب الفصول لأبقراط؛ حواشي على القانون لابن سينا. عفيف بن سكرة بعد سنة 584هـ، 1188م مقالة في القولنج. موفق الدين بن جرجي المطران 587هـ، 1191م بستان الأطباء وروضة الألباء؛ آداب طب الملوك. فخر الدين الساعاتي بعد سنة 594هـ، 1197م تكميل كتاب القولنج لابن سينا. أبو محمد عبدالله بن رشد 596هـ، 1199م الترياق؛ مقالة في حميات العفن؛ الكليات. أسعد الدين بن إسحاق المحلي بعد سنة 598هـ، 1201م مقالة في قوانين طبية؛ مسائل أخرى في الطب وأجوبتها. أبو النجم النصراني 599هـ، 1202م الموجز في الطب. أبو الحجاج الإسرائيلي بعد سنة 601هـ، 1204م رسالة في ترتيب الأغذية اللطيفة والكثيفة؛ شرح الفصول لأبقراط. أبو عمران موسى بن ميمون القرطبي 601هـ، 1204م اختصار الكتب الستة عشر لجالينوس؛ مقالة في البواسير وعلاجها. نجيب الدين السمرقندي بعد سنة 606هـ، 1209م أغذية المرضى، الأسباب والعلامات؛ الأقرباذين الكبير. فخر الدين الرازي 606هـ، 1209م التشريح من الرأس إلى الحلق؛ الأشربة؛ مسائل في الطب. الخلاطي مهذب الدين البغدادي 610هـ، 1213م المختار في الطب؛ الطب الجمالي. رشيد الدين بن خليفة الخزرجي 616هـ، 1219م طب السوق؛ مقالة في نسبة النبض وموازنته إلى الحركات الموسيقية. شمس الدين بن عبدالواحد اللبودي 621هـ، 1224م رسالة في وجع المفاصل؛ شرح كتاب المسائل لحنين ابن إسحاق. مهذب الدين الدخوار 628هـ، 1230م اختصار الحاوي للرازي؛ مقالة في الاستفراغ؛ الجنينة في الطب؛ شكوك طبية ورد أجوبتها. موفق الدين عبداللطيف البغدادي 629هـ، 1231م آلات التنفس؛ مقالة في شفاء الضّد بالضِّدّ؛ الكفاية في التشريح. رضي الدين أبو الحجاج الرحبي 631هـ، 1233م تهذيب شرح ابن الطيب؛ اختصار المسائل لحنين بن إسحاق. عز الدين أبو إسحاق بن السويدي بعد سنة 632هـ، 1234م التذكرة الهادية والذخيرة الكافية في الطب. ابن رقيقة الشيباني 635هـ، 1237م لطف المسائل وتحف المسائل؛ موضحة الاشتباه في أدوية الباه. أسعد الدين أبو الحسن علي 635هـ، 1237م نوادر الألباء في امتحان الأطباء. سديد الدين أبو الفضل الإسرائيلي 636هـ، 1238م تعاليق على كتاب العلل والأعراض لجالينوس. رشيد الدين أبو المنصور الصوري 639هـ، 1241م فوائد وتعاليق ووصايا طبية. رفيع الدين أبو حامد الجيلي 641هـ، 1243م اختصار الكليات من كتاب القانون لابن سينا. نجم الدين أبو زكريا بن اللبودي بعد سنة 643هـ، 1245م مختصر الكليات من كتاب القانون؛ تدقيق المباحث الطبية في تحقيق المسائل الخلافية. بدر الدين المظفر بن إبراهيم بن قاضي بعلبك بعد سنة 645هـ، 1247م الملح في الطب؛ مفرح النفس. رشيد الدين أبو سعيد بن يعقوب 646هـ، 1248م عيون الطب؛ في صناعة الطب. أفضل الدين أبو عبدالله الخونجي 646هـ، 1248م أدوار الحميات. أمين الدولة بن أبي سعيد بعد سنة 648هـ، 1250م النهج الواضح في الطب. العنتري أبو المؤيد الجزري نحو 650هـ، 1252م الأقرباذين. ابن العالمة نجم الدين أبو العباس 652هـ، 1254م التدقيق في الجمع والتفريق؛ هتك الأستار في تمويه الدخوار؛ المهملات في كتاب الكليات. شرف الدين أبو الحسن الرحبي 667هـ، 1268م خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنفعتها. عماد الدين أبو عبدالله الربعي 667هـ، 1268م المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة؛ نظم الترياق الفاروق؛ مقدمة المعرفة لأبقراط. رشيد الدين أبو الوحش أبو حليقة بعد سنة 667هـ، 1268م الأمراض وأسبابها وعلاماتها؛ مقالة في ضرورة الموت؛ مقالة في حفظ الصحة. ابن أبي أصيبعة موفق الدين 668هـ، 1269م عيون الأنباء في طبقات الأطباء. أبو الفرج موفق الدين بن القف 685هـ، 1286م الشافي في الطب؛ العمدة في صناعة الجراح. ابن النفيس علاء الدين القرشي 687هـ، 1288م الموجز في الطب؛ شرح القانون؛ المهذب في الكحل المجرب؛ الشامل في الطب. أبو الفتح عمر بن رسول الغساني 696هـ، 1296م شفاء العليل. علاء الدين الحموي الصفدي نحو 720هـ، 1320م القانون في أمراض العيون؛ الأحكام النبوية في الصناعة الطبية. عماد الدين العراقي 724هـ، 1323م مقدمة في الطب. شمس الدين البرزالي 734هـ، 1333م ما يستعمله الإنسان. لسان الدين بن الخطيب السلماني 776هـ، 1374م اليوسفي في الطب. الحاج باشا خضر بن الخطاب 800هـ، 1397م شفاء الأسقام في الطب. غرس الدين بن إبراهيم 971هـ، 1563م الحاشية على شرح ابن النفيس. الوزير قاسم الغساني 994هـ، 1585م شرح نظم ابن عزران في الحميات. داوود الأنطاكي 1008هـ، 1599م التذكرة؛ نزهة الإنسان في إصلاح الأبدان؛ كفاية المحتاج في علم العلاج. مدين بن عبدالرحمن التوصوني بعد سنة 1044هـ، 1634م قاموس الأطباء في المفردات الطبية. ابن شقرون الكناسي بعد سنة 1140هـ، 1727م الشقرونية (أرجوزة طبية). عمر بن حسن شفائي السنوبي 1195هـ، 1780م الطب الجديد؛ الكحالة. الصيدلة
الصيدلة علم يبحث في العقاقير وخصائصها وتركيب الأدوية وما يتعلق بها، ويتصل اتصالاً وثيقًا بعلمي النبات والحيوان؛ إذ إن معظم الأدوية ذات أصل نباتي أو حيواني، كما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعلم الكيمياء؛ لأن الأدوية تحتاج إلى معالجة ودراية بالمعادلات والقوانين الكيميائية. كانت الصيدلة في بادئ الأمر غير مستقلة عن الطب في كل أنحاء العالم المعروف آنذاك. وكان الدواء ينتقل من يدي الطبيب إلى فم المريض مباشرة، وللطبيب أعوان يساعدونه على جمع الأعشاب، ثم يتولى بنفسه صنع الدواء وتركيبه وقبض ثمنه من المريض، وكان في ذلك حط لقدر الطبيب. وهنا انقسمت مهنة الطب إلى قسمين : تشخيصي وعلاجي؛ أي نظري وعملي، ومن ثم انفصلت صناعة الطب عن صناعة العقاقير واستقل كل منهما بذاته. وكان الرازي أول من قال باستقلال الصيدلة عن الطب، كما رأى أن جهل الطبيب بمعرفة العقاقير لا يحول دون ممارسته الطب. ويبدو ذلك جلياً في معرض حديثه عن امتحان الطبيب: “أما امتحانه بمعرفة العقاقير فأرى أنها محنة اختبار ضعيفة، وذلك أن هذه الصناعة هي بالصيدناني أولى منها بالطبيب المعالج، إلا أن تقصير معرفته بالكثير الاستعمال منها يدل على قلة علمه ومزاولته ودربته… ويمكن أن يكون طبيبًا فاضلاً مقصرًا عن كثير من خلال العقاقير”.بعد أن انفصلت الصيدلة عن الطب، ارتفع مستوى العقاقير، وأنشئت حوانيت (عطارات) لبيعها وتصريفها، وأنشئت مدارس لتعليم صناعة تركيب الأدوية، ثم توسعت هذه العطارات وتحسنت، مما تمخض عن فتح أول صيدلية في التاريخ في بغداد عام 621هـ، 1224م. وألّف العرب في هذا العلم ما أطلقوا عليه اسم الأقرباذين؛ أي الدستور المتبع في تحضير الأدوية. ولعل من أهم مآثر المسلمين في تلك الحقبة ـ في مجال الصيدلة ـ أنهم أدخلوا نظام الحسبة ومراقبة الأدوية. ونقلوا المهنة من تجارة حرة يعمل فيها من يشاء، إلى مهنة خاضعة لمراقبة الدولة. وكان ذلك في عهد المأمون، وقد دعاه إلى ذلك أن بعضًا من مزاولي مهنة الصيدلة كانوا غير أمينين ومدلّسين، ومنهم من ادّعى أن لديه كل الأدوية، ويعطون للمرضى أدوية كيفما اتفق؛ نظرًا لجهل المريض بأنواع الدواء. لذا أمر المأمون بعقد امتحان أمانة الصيادلة، ثم أمر المعتصم من بعده (221هـ، 835م) أن يمنح الصيدلاني الذي تثبت أمانته وحذقه شهادة تجيز له العمل، وبذا دخلت الصيدلة تحت النظام الشامل للحسبة، ومن العرب انتقل هذا النظام إلى أنحاء أوروبا في عهد فريدريك الثاني (607 ـ 648هـ، 1210 ـ 1250م)، ولا تزال كلمة مُحْتَسِب مستخدمة في الأسبانية بلفظها العربي حتى الوقت الراهن. وعقب الفصل بين مهنتي الطب والصيدلة، ارتقت كلتا المهنتين؛ إذ تفرغ الطبيب إلى التشخيص والبحث، وتفرغ الصيدلاني إلى تجويد عمله عن طريق البحث، ووُضع للصيادلة دستور يسيرون عليه ويلتزمونه، وينص هذا الدستور فيما ينص ـ على التمييز بين علم الطب وعلم الصيدلة، فحظر على الصيدلي التدخل في أمور الطب، كما حظر على الطبيب امتلاك صيدلية أو أن يفيد من بيع العقاقير، وبذا لا تحق ممارسة مهنة الصيدلة إلا لحامل ترخيص رسمي، ولا يحق ذلك أيضًا إلا لمن أدرجت أسماؤهم في جدول الصيادلة. وكان يناط بمفتش رسمي في كل مدينة الإشراف على الصيادلة وكيفية تحضير العقاقير. يسَّر هذا الدستور للصيدلة أن ترتقي بوضوح علمًا قائمًا بذاته، مما جعل الصيادلة ينتقلون إلى مملكة النبات التي وجدوا فيها مجالاً خصبًا للعمل؛ فزرعت النباتات الطبية بشكل منتظم وفق شروط خاصة في مزارع خاصة رعاها الحكام، وجلبوا لها البذور اللازمة من كل مكان يطلبه الصيادلة، وذلك ما فعله عبدالرحمن الأول في قرطبة. ووفق تنظيم مهنة الصيدلة، أصبح في كل مدينة كبيرة عميد للصيادلة يقوم بامتحانهم كابن البيطار في القاهرة. كما فرض الدستور الجديد على الأطباء أن يكتبوا ما يصفون من أدوية للمريض على ورقة سمّاها أهل الشام الدستور وأهل المغرب النسخة وأهل العراق الوصفة.
الصيدلة العربية. كان الصيادلة يستوردون العقاقير النباتية من الهند، فضلاً عن استيرادهم الأدوية ذات الأصل النباتي أو الحيواني من البلدان التي تتوافر فيها. ولكن عقب فصل مهنة الطب عن مهنة الصيدلة توصّل الصيادلة المسلمون إلى صنع هذه العقاقير بأنفسهم، ثم اكتشفوا عقاقير أخرى ذات خصائص علاجيّة لم تكن معروفة من قبل. واهتدوا إلى طريقة غلَّفوا بها بعض الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم، وبذا كفوا المرضى معاناة مرارة طعمها ونكهتها غير المستساغة. ثم توصلوا إلى تحضير المبنج الذي يزيل الآلام أو يخففها، كما حضروا الترياق المقاوم للسموم. وبالجملة فقد قدّم الصيادلة العرب للعالم أساسًا متينًا وأصيلاً لعلم الصيدلة.تأصيل الصيدلة العربية. برع الأطباء في بادئ الأمر في تحضير الدواء حسب نسب ومقادير محددة. ولما اقتصر أمر إعداد الدواء وتركيبه على الصيادلة، حذقوا هذا الفن وارتقوا به كثيرًا. فاستخدموا موازين دقيقة لخلط هذه النسب. ولم يكن هذا الأمر سهلاً في بادئ الأمر خاصة في تحضير الأدوية ذات المصدر الأجنبي؛ إذ إن كل بلد كانت له أوزانه ومكاييله. وكانت أهم مصادر علم الصيدلة عند العرب ـ قبل أن تستقر عندهم علمًا أصيلاً ـ كُتب الهند وفارس؛ فقد عُرف عن الهنود، حتى وقتنا الحاضر، إلمامهم العميق بالأعشاب، وبراعتهم في استخراج خواصها ومعرفة آثارها في الأبدان. ولما كان المبدأ العام في كل الأمور الدنيوية هو الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها؛ فقد تلقّف العرب كل ما وصل إلى أيديهم من علم الحشائش والعقاقير. كذلك أخذوا عن اليونان ما استطاعوا، إلا أن ذلك كان في وقت مبكر نسبيًا؛ أي مع بدايات أخذ الدولة الإسلامية بأسباب العلم والحضارة. واعتنوا من بين كل الكتب اليونانية بكتاب المادة الطبية في الحشائش والأدوية المفردة الذي وضعه ديسقوريدس العين زربي (80م) وكتابه هو “المادة الطبية Materia Medica“، وترجموه عدة مرات أشهرها اثنتان: ترجمة حنين بن إسحاق في بغداد، وترجمة أبي عبداللهلله الصقلّي في قرطبة. وفي وقت لاحق قام الصيادلة المسلمون ـ بفضل خبرتهم وممارستهم ـ بالزيادة على هذا الكتاب واستدراك ما فات ديسقوريدس، ومن ثم بدأ التأليف والتصنيف بغزارة في الصيدلة وعلم النبات، ومن ذلك معجم النبات لأبي حنيفة الدينوري (282هـ، 895م)، والفلاحة النبطية لابن وحشية (318هـ، 930م) والفلاحة الأندلسية لابن العوام الأشبيلي، فقد استفاد المصنفون في علم الأدوية كثيرًا من هذه الكتب وأمثالها. وكان لابد ـ تبعًا لهذا التطور الذي شهدته صناعة الدواء ـ أن تطرأ تعديلات تؤصِّل هذه الصناعة، وتمكّن من الاستفادة من العقاقير المحلية باستبدالها بما كان يستورد، وتبسط أعمال الصيدلة، وتضع معيارًا للجودة النوعية تكتشف من خلاله الأدوية المغشوشة، والعمل على توحيد الأوزان والمكاييل لتتماشى مع نظام المقاييس الموجود والاستغناء عن المقاييس المستوردة غير الموحدة.الاستبدال والتبسيط. لما نقل العرب أسماء الأدوية المفردة (النباتية) من كتب اليونان والهند وفارس، لم يستطيعوا التعرف على كثير منها، وحتى تلك التي تعرفوا عليها لم يقفوا على خصائصها، لذا لم يكن هناك بد من الاستعاضة عنها ببديل محلي. فلجأوا منذ وقت مبكر إلى التأليف فيما سموه أبدال الأدوية، ووضعوا مصنفات خاصة بتلك التي لم يشر إليها ديسقوريدس وجالينوس وغيرهما، واستفادوا في هذا الشأن من العقاقير الهندية والفارسية. إلا أن الحاجة للبديل المحلي كانت ضرورة اقتصادية وانتمائية، عبّر عنها البيروني في عتابه للصيادلة بقوله : “لو كان منهم ديسقوريدس في نواحينا لصرف جهده على التعرف على ما في جبالنا وبوادينا، ولكانت تصير حشائشها كلها أدوية…”. واستجابة لمثل هذه الحميّة جرت بعض محاولات للاستفادة من الأعشاب المحلية؛ كان من بينها في بادئ الأمر تصنيف ما يشبه المعاجم على هيئة جداول تحتوي على أسماء النباتات المختلفة باللغات العربية واليونانية والسريانية والفارسية والبربرية بشرح أسماء الأدوية المفردة. ومن المحاولات التطبيقية في هذا المجال ما قام به رشيد الدين الصوري الذي كان يخرج إلى المواضع التي بها النباتات يرافقه رسام، فيشاهد النبات ويسجله ثم يريه للرسام في المرة الأولى وهو في طور الإنبات أو لا يزال غضًا، ثم يريه إياه في المرة الثانية بعد اكتماله وظهور بذره، وفي الثالثة بعد نضجه ويبسه، ويقوم الرسام بتصويره في جميع هذه الأطوار. وغني عن القول أن الصيادلة المسلمين بعد أن ترقوا في هذه الصناعة قاموا بالاستغناء عن كثير من العقاقير التي تستخلص من أجزاء حيوانية لاسيما المحرّمة منها أو المكروهة.كانت الوصفات التي حصل عليها أكثر المصنفين المسلمين من البلدان المفتوحة معقدة، إما أصلاً، أو كان واصفوها يتعمدون التفنن في تعقيدها سواء فيما يتعلق بعدد العقاقير التي تتركب منها، أو شروط جنيها أو إعدادها أو الزمن اللازم انقضاؤه قبل استخدام التركيبة الجديدة. من أجل هذا توصل الصيادلة المسلمون إلى وضع صيغ معدلة للأدوية المعقدة الشهيرة، وبذا اختفت مع مرور الزمن الأعداد الكبيرة من الأدوية معقدة التركيب، وازداد عدد الأدوية البسيطة خاصة الأشربة والأدوية الغذائية والمسهلات وأدوية تخفيض الوزن والزينة وما إليها.معايير الجودة. لما رأى الناس الأرباح الوفيرة التي تدرها الصيدلة (العطارة) على العاملين فيها، دخلها غير المتخصصين. إلا أنه بعد أن نظمت المهنة وصار للصيادلة دستور، استُبِعد المتسللون بقرار من الخليفة العباسي المقتدر. وزاد الأمر إحكامًا بتولي سنان بن ثابت الطبيب أمر الحسبة حيث تحوّل هذا النظام إلى امتحان ومحاسبة ومراقبة دورية للأوزان والمكاييل وتفتيش الصيدليات مرة كل أسبوع. ومن بين الطرق التي طبقوها لمعرفة الأدوية المفردة وفاعليتها، الإحراق بالنار أو السحق، وفحص الرائحة واللون والطعم. وقام بعض الأطباء باختبار مدى فاعلية العقاقير على الحيوانات قبل إعطائها الإنسان؛ ومن ذلك تجربة الزئبق على القرد التي قام بها الرازي. كما كان ابن سينا يذكر مع كل عقار خصائصه وأوصافه، ونجد ذلك جليًا في كتاب منهاج الدكان لكوهين العطار الذي جمع عمل ابن سينا في هذا الصدد في فصل سماه امتحان الأدوية المفردة والمركبة وذكر ما يستعمل منها وما لا يستعمل. وقد أورد كوهين العطار في هذا الفصل الطرق المستعملة في ضبط معايير جودة العقاقير، بالإضافة إلى فصل عن المدة الزمنية التي لا تعود صالحة للاستعمال بعدها. والأوصاف المميزة للأدوية وأنواعها وما تغش به وكيفية كشف هذا الغش عن طريق الأوصاف الحسية والفيزيائية للدواء.الأوزان والمكاييل. كانت إحدى العقبات التي واجهت الصيدلاني المسلم ـ عقب حركة النقل والترجمة ـ قضية اختلاف المقاييس التي تضبط في ضوئها أوزان المركبات الدوائية؛ فقد كان لليونان أوزانهم وكذلك الفرس والهنود، فكان من الصعب عند تحضير الوصفات الأجنبية معرفة الأوزان والمكاييل المستخدمة فيها، وإن عُرف بعضها فقلّما يُضبط. لذا كان من الضروري توحيد العمل بمقاييس معلومة لديهم. واستطاع الصيادلة بعد تجارب ومران أن يتجاوزوا هذه العقبة بعدة أمور منها، تجاهل بعض الأوزان والمكاييل الدخيلة، وإدخال أوزان ومكاييل محلية بدلاً عنها، وتبسيط النسب الموجودة بين المكاييل والموازين المحلية. ودرجوا على استخدام البذور وبعض الحبوب التي تمثل الواحدة منها وزنًا معلومًا مثل؛ حبة الحمص و الخروبة و نواة التمر، وجعلوا حبة القمح الوحدة الصغرى للأوزان. وكانت أوزانهم كالتالي :4 حبات قمح = قيراط؛ نحو 40 سنتجرامًا 8 حبات قمح = دانق؛ 1/6 درهم، 2 قيراط 48 حبة قمح = 12 قيراطًا؛ درهم واحد 1/2 1درهم = مثقال؛ 18 قيراطًا الاُستار = 4 مثاقيل؛ 6 دراهم الأوقية = 40 درهمًا؛ 1/12 من الرطل الرطل = 12 أوقية؛ 480 درهمًا المكاييل الصيدلانية الشامونا = ملعقة صغيرة؛ مثقالان 7 شامونات = صدفة صغيرة؛ 14 مثقالاً 14 شامونًا = صدفة كبيرة؛ 28 مثقالاً 6 أساتير = سكر حبة؛ 24 مثقالاً. بعض الألفاظ العربية في الطب والصيدلة اللفظ العربي مقابله الأبوطيلون Abutolion أبو المسك Abelmosk الأرجان (نبات) Argan الأرضي شوكي (الخرشوف) Artichoke إسفاناخ (سبانخ) Spinach الإكسير Alixir الإمبيق، الإنبيق Alembic أنيلين من النيل (صبغ أزرق) Aniline الباذنجان Aubergine البرقوق Apricot بندق Banduc البورق Borax تمر هندي Tamarindi or Tamarind توتياء Tuthy جلاب (شراب منعش) Julup الجولنجان، الخولنجان (نبات) Galingale حشيش Hosheesh حكيم Hakeem الحناء Henna الحنظل Al-handal خروب Carob رُبّ (ما يخثر من من عصير الثمار) Rab رتَم (نبات قرني) Retem ريباس (نبات الكشمش) Ribes زباد (طيب سنور الزباد) Zibet or Zibeth زعفران Saffron زنجفر (كبريتيد الزئبقيك) Cinnabar سبات Subath سحلب Saloop or Salep سكر Sugar سُّمّاق (نبات) Sumac or Sumach سمسم Sesame سنا (نبات مسهل) Senna سنبل Sunbal شراب Syrup شربات Sherbet صافن (وريد ضخم في الساق) Saphenna صداع Sada طباشير Tabasheer طرخشفون (نبات ملين) Taraxacum طرخون (نبات) Tarragor طلق Tale عسقلان (بصل عسقلاني؛ كرات) Scallion عصفر (القرطم) Salflower عطر Attar عنبر، كهرمان Ambar قطن Cotton القلقطار (أكسيد الحديد الأحمر) Callathar قِلْي Alkali قهوة Coffee كافور Camphor كبابة، حب العروس (نبات) Cubeb الكحل Kohl الكحول Alcohol الكراوية Caraway كركم (نبات) Curcuma كمون (نبات) Cumin اللبان (البخور) Olibanum لبلاب Lablab الليك (صبغ) Lake الّليلج، الليلاك (نبات) Lilac ليمون Lemon مازريون (نبات) Mezerean المُر Myrrh المرقشيت Marcasite مريء Meri معجون Majoon الملغم (زئبق مخروج) Amalgam موميا Mummy نخاع Nucha النطرون Natron نينوفر Nenuphar ياسمين Jasmine العقاقير الطبية وتصنيفها. العقّار كلمة أصلها سرياني، وأطلقت في بادئ الأمر على كل ما يُتداوى به من النبات والشجر؛ إذ كان أساس الأدوية الأعشاب. وأطلق على من اشتغل بصناعة الأدوية الشجّارون و العشابون والعطّارون، إلا أن مدلول الكلمة اتسع ليشمل كل الأدوية بما فيها الحيوانية والمعدنية.كانت معظم العقاقير التي توصف للمرضى ـ خلال الحقبة الأولى من فترة ازدهار الطب العربي ـ ذات منشأ غير عربي، والقليل منها كان ما توارثته الأجيال من البيئة المحلية أو ما يمكن أن نسميه الطب البلدي. ولكن بازدهار صناعة الصيدلة عقب انفصالها عن الطب، وجد الصيادلة المسلمون مجالاً خصبًا للإبداع الذي انتهوا فيه إلى تركيب عقاقير من البيئة المحلية ذات أوزان معلومة مبسطة وقطعوا شوطًا كبيرًا عندما استفادوا من علم الكيمياء في إيجاد أدوية جديدة ذات أثر في شفاء بعض الأمراض؛ كاستخراج الكحول، ومركبات الزئبق، وملح النشادر واختراع الأشربة والمستحلبات والخلاصات الفطرية. بالإضافة إلى ذلك قادهم البحث الجاد إلى تصنيف الأدوية استنادًا إلى منشئها وقوتها، كما قادتهم تجاربهم إلى أدوية نباتية جديدة لم تكن معروفة من قبل كالكافور والحنظل والحناء.قادت غزارة التصنيف في كتب الصيدلة، والبحث الدؤوب الذي كشف عن عقاقير جديدة، بالإضافة إلى ما هو موجود أصلاً، إلى أهمية تقسيم هذه العقاقير وفق معايير ارتآها المؤلفون أو الصيادلة، ونجد الأمثلة على ذلك واضحة في الحاوي للرازي و الصيدنة في الطب للبيروني وكامل الصناعة لعلي بن عباس المجوسي و القانون لابن سينا.تصنيف الرازي. وضع الرازي أسسًا صحيحة لعدة علوم صيدلانية وبيّن أوصافها وطرق تحضيرها وكشف غشها وقواها وبدائلها والمدة الزمنية التي يمكن أن تحفظ خلالها. وصنف العقاقير إلى أربعة أقسام : 1ـ مواد ترابية (معادن) 2ـ مواد نباتية 3 ـ مواد حيوانية 4ـ عقاقير مولدة (مشتقات). وذكر تحت الصِّنف الأول سبعة أنواع: أ ـ أرواح (المواد المتطايرة والمتسامية)؛ وهي الزرنيخ، والزئبق، والنشادر، والكبريت. ب ـ أحجار؛ وهي: المرقشيتا (البيريت)؛ وتستخدم في صناعة حمض الكبريتيك وصيغته الجزيئية FeS2. والتوتياء (أكسيد الخارصين)، وصيغته الجزيئية ZnO. واللازورد (كربونات النحاس القاعدية)، وصيغته الجزيئية Cu3 ((OH)2 CO3)2. والدهـنـتج (الملاخيت)، وصيغته الجزيئية Cu2(OH)2 CO3. والفـيـروزج (فوسفات الألومنيوم القاعدية المتحدة بالنحاس) وصيغته الجزيئية Cu Al6(PO4) 4(OH)8 5H2O. والــشاذنج (أكسيد الحديديك المتبلر) وصيغته الجزيئية Fe2؛ واستخدمه لوقــف الرّعاف. والشـك (بيـاض O3 الـزرنيخ) وصيغته الجزيئية As2O3. والكحل (كبريتيد الرصاص الأسود) وصيغـته الجـزيئية PbS. والطـلق أي المــايكا (سـليكــات الألومنيوم المتحدة مع فلز آخر). والجبس وصيغته الجزيئية Caso42h2o. والزجاج الأسود وهو الزجاج المعروف. ج زاجات؛ ومنها الزاج الأحمر والأصفر والأخضر والشب. د ـ بوارق؛ وتشمل بورات الصوديوم (البوراكس)، وبيكربونات الصوديوم، والنطرون، وصمغ الأكاسيا. هـ ـ أملاح؛ ومنها ملح الطعام، والملح المر (كبريتات المغنسيوم؛ الملح الإنجليزي)، والقلي (مزيج من أكسيد الصوديوم وهيدروكسيد الصوديوم وكربونات الصوديوم، والملح الصخري (كبريتات الصوديوم المتبلرة)، والجير المطفأ (هيدروكسيد الكالسيوم). و ـ أجساد؛ وهي: الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص، والخارصين والأسرب (القصدير). ز ـ إعناجاصات؛ وذكر الرازي منها جوهر البول (اليوريا).وفي الصنف الثاني؛ أي المواد النباتية يذكر قوى الحبوب كالحنطة والشــعير والثمار، ورتب فيه الأدوية حسب حروف المعجم مبتدئًا بالأقحوان ومنتهيًا بالياسمين. وفي الصنف الثالث، أي المـواد الحيوانية يذكر البيض والمخ؛ واللبن والشعر والقحف والدم والمرارة والقرون والصدف.أما الصنف الرابع وهو العقاقير المولدة (المشتقات) فقد ذكر منها 1ـ المرتك؛ وهي مادة سوداء تشبه الجرافيت (أول أكسيد الرصاص)، وصيغته الجزيئية PbO، و2ـ الإسرنج (أكسيد الرصاص الأحمر)، وصيغته الجزيئية (Pb3 O4)، و 3ـ الزنجار؛ وهو خلات النحاس القاعدية بها بعض كربونات النحاس، و 4ـ الزنجفر (كبريتيد الزئبق)، وصيغته الجزيئية (Hg S)، و 5ـ زعفران الحديد؛ وهي مادة صفراء تتكون من أكسيد الحديدوز يكون الحديد فيها ثنائي التكافؤ.تصنيف البيروني. اقتبس البيروني فكرة التأليف في علم الأدوية وتسميتها من الرازي، ويبدو ذلك في كتابه المشهور الصيدنة في الطب، ولكن لم تكن له خبرة الرازي وتجربته ولا شهرته في هذا المجال. ومن الأوجه التي أفاد فيها من الرازي إشارته إلى كتابيه الحاوي و سر الأسرار وذكره أغلب المواد التي ذكرت فيهما. وصنف هذه المواد تصنيفًا مشابهًا لما فعله الرازي بفارق واحد هو أنه رتبها ترتيبًا معجميًا (ألفبائيًا) بينما كان الرازي قد رتبها ترتيبًا أبجديًا (أبجد، هوز …إلخ). يصنف البيروني العقاقير إلى ثلاثة أنواع 1ـ أدوية 2ـ أغذية 3ـ سموم؛ ومنها ما هو مفرد ومنها ما هو مركب. وهو أول من أشار إلى عمليتي التبديل والحذف في العقاقير، وجعلهما شرطًا لنجاح الصيدلاني الماهر. فقال: “الصيدلاني أعظم حاجة لأمرين أحدهما الحذف والآخر التبديل. والحذف هو نقصان عقار واحد يدخل في تركيب دواء يتألف من عقاقير كثيرة؛ فإن لم يتوافر أو توافر لكن حالت أسباب دون استخدامه فعلى الصيدلاني الاستغناء عنه وإتمام التركيبة دون ذلك العقار”؛ وعلى هذا النسق استغنى الصيادلة عن عدد كبير من العقاقير الحيوانية الكريهة نظرًا لتحريم الدين الإسلامي لها. أما التبديل فيحدث عندما تكون مكونات المركب كلها أو بعضها غير موجودة، ولكن لها بدائل أقل تأثيرًا من المكونات الأصلية، فعلى الصيدلاني في هذه الحالة أن يقْدم على صنع الدواء مما توافر لديه، على الرغم من تدني نوعية البدائل، مراعيًا في ذلك الحفاظ على مشاكلة الدواء الأصلي.تصنيف المجوسي. عمل علي بن عباس المجوسي (ت383هـ، 993م) في كتابه كامل الصناعة على تصنيف الأدوية وفقًا لمنشئها وقواها. فصنَّفَ الأدوية المفردة بالاستناد إلى منشئها؛ فقسَّم العقاقير ذات المنشأ النباتي إلى: حشائش، وحبوب، وبذور، وأوراق، وأصول، وعصارات، وأصماغ، وأزهار، وأثمار، وأدهان. أما العقاقير ذات المنشأ المعدني فقسمها إلى: زاج، وطين، وأملاح، وأجساد وحجارة. كما قسم العقاقير ذات المنشأ الحيواني إلى: ألبان، ودماء، وبيض، وأنفحات، ومرارات، وأبوال، وأزبال، وشحوم، ولحوم. أما من حيث قواها فقد قسمها إلى ثلاثة أقسام 1- القُوى الأُول؛ وسماها الطبائع أو الأمزجة؛ وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة. وتقسم كل واحدة من هذه الأمزجة إلى درجات أربع من حيث قوة تأثيرها؛ فيصنف العقار تحت قوة الدرجة الأولى إذا لم يؤثر في البدن تأثيرًا ملموسًا، ويكون من الدرجة الثانية إذا أثر لكنه لم يضر، وإذا أضرّ ولم يبلغ فهو في الدرجة الثالثة، ويكون من قوى الدرجة الرابعة إذا بلغ، وفي هذه الحالة يسمى الدواء سامًا. 2- القوى الثواني؛ وقد صنف تحتها أنواعًا كثيرة من بينها: القوى الملينة، والفتّاحة للسدد، والمنضجة، والمصلبة، والمخلخلة، والملطفة، والمفتحة لأفواه العروق والمضيقة لها، والجاذبة، والمسكنة للوجع. 3- القوى الثوالث؛ وصنف تحتها: المفتتة للحصى، والمدرَّة للبول، والمدرَّة للطمث، والمولِّدة للمني، والمولِّدة للّبن، والمعينة على نفث ما في الصدر. وللمجوسيّ تصنيف فرعي للعقاقير من حيث طعمها ويقسمها إلى حلو، ومر، وحامض، ودسم، وحريف، ومالح، وعفص (عسر) وقابض، وتفه (لاطعم له). أما الأدوية المركبة فقد صنفها إلى أنواع عدة أهمها: الترياقات، والمعاجين، والجوارشنات (هاضمات) والمطبوخات، والنقوعات، واللعوقات، والأقراص، والأدهان، والمراهم، والأشربة، والمربيات، والأكحال، والذرورات، والغراغر، والمقيئات…إلخ.تصنيف ابن سينا. لم يختلف ابن سينا في تصنيفه للأدوية كثيرًا عمن سبقه فقد قسمها إلى معدنية، ونباتية، وحيوانية. فأفضل الأدوية المعدنية عنده ما كان من الأماكن المعروفة بها كالقلقند القبرصي والزاج الكرماني؛ وأفضل الأدوية النباتية النوع البري لأنها أقوى تأثيرًا من البستانية، والجبلية تفوق البرية، وأفضل الأدوية الحيوانية ما يؤخذ من الحيوانات الشابة في فصل الربيع. وذكر في هذا التصنيف نحو 600 عقار معظمها ذو أصل نباتي. كما أن له تصنيفًا آخر وهو ما يمكن أن يطلق عليه الآن التصنيف الفارماكولوجي (تصنيف علم العقاقير)، فصنف الأدوية حسب الأعضاء التي تعمل فيها، ووضعها في لائحة تتضمن : 1- الترياقات والمعاجين 2- الأرايج. (العطريات) 3- الجوارشنات 4- السفوفات والوجورات (مايعطى بالفم) 5- اللعوقات 6- الأشربة 7- المربيات 8- الأقراص 9ـ السلافات (خلاصات) والحبوب 10- الأدهان 11- المراهم والضمادات. وفي دراسته للسموم صنفها إلى نوعين؛ سموم فاعلة بكيفية فيها، وسموم فاعلة بصورتها. كما صنفها إلى سموم معدنية ونباتية وحيوانية.تحضير العقاقير. استخدم الصيادلة المسلمون في عمليات تحضير العقاقير وتركيبها طرقًا مبتكرة؛ ظل بعضها معمولاً به حتى الوقت الحاضر من حيث المبدأ. فنجد أن الرازي استخدم 1- التقطير؛ لفصل السوائل 2- الملغمة؛ لمزج الزئبق بالمعادن الأخرى 3- التنقية؛ لإزالة الشوائب 4- التسامي؛ لتحويل المواد الصلبة إلى بخار ثم إلى حالة الصلابة ثانية دون المرور بحالة السيولة، 5- التصعيد؛ لتكثيف المواد المتصاعدة، 6- التشوية؛ لتحضير بعض المعادن من خاماتها، 7- التشميع؛ لصهر بعض المواد بإضافة مواد أخرى إليها، 8- التكليس؛ لإزالة ماء التبلُّر وتحويل المواد المتبلرة إلى مساحيق غير متبلرة، 9- التبلر؛ لفصل بلورات المواد المذابة، 10- الترشيح؛ لفصل الشوائب والحصول على محلول نقي. وسوف تأتي على هذه العمليات بشيء من التفصيل عند حديثنا عن العمليات الكيميائية التي استخدمها العرب في تحضير المواد.أما علي بن عباس المجوسي فقد أبان القوانين التي ينبغي حذقها للوصول إلى الأوزان الصحيحة للأدوية المفردة الداخلة في تركيب الأدوية المركبة، ووضح أن مقادير هذه الأدوية تكون كالتالي : يُؤخذ منه مقدار كبير إذا كان متعدد المنافع. وتؤخذ منه كميات أقل إذا كان في استعماله بعض الضرر، وكذلك إذا دخلت في الدواء المركب عدة عقاقير لها نفس التأثير. وعلى الصيدلاني قبل سكب الدواء المفرد اتباع الخطوات التالية 1- يحسن اختبار الدواء المفرد 2- يسحقه وينخله 3- يعالج الصموغ 4- ينتخب العسل ويفحصه 5ـ يقوم بحرق ما لابد من حرقه فيما يختص ببعض المركبات المعدنية والحيوانية 6- يأخذ مقادير العسل بمقادير متناسبة مع الأدوية المدقوقة لصنع المعاجين الدوائية، ويضيف الصموغ المحلولة ويخفقها حتى تستوي ثم تحفظ التركيبة في إناء من الفضة أو الخزف الصيني دون أن يحكم غلقه، حتى يتمكن الدواء من التنفس 7- لعمل الأقراص يمزج الدواء المسحوق مع الماء أو الشراب في الهون (المدق) ويدق دقًا جيدًا حتى ينعم ويستوي ومن ثم تقرَّص الكتلة التي عجنت ثم تجفف في الظل.ذكر ابن سينا في تحضير الأدوية المفردة أربع طرق: 1- الطبخ؛ ويكون على درجات: الطبخ العنيف كأصل الكبر والزرواند والزرنباد. والطبخ المعتدل كالأدوية المدرة للبول. والطبخ الهادئ مثل الأفتيمون الذي إذا زيدت درجة طبخه تحللت قوته. 2ـ السحق؛ وهناك من الأدوية ما يفسد السحق الشديد قوتها كالسقمونيا، وأكثر الصموغ لها هذه الخاصية، وتحليلها بالرطوبة أوفق. ومن هذه الأدوية ما ينقلب تأثيرها الدوائي أو يتغير عند الإفراط في السحق، كالدواء الكموني الذي ينقلب تأثيره من مسهل إلى مدر للبول. 3ـ الحرق؛ وتحضر بعض الأدوية بحرق الدواء لتحقيق واحد من خمسة أهداف: لكسر حدته؛ مثل الزاج أو لإكسابه حدة؛ مثل النورة، أو لتخفيفه؛ مثل قرون الأيل، أو لتهيئته للسحق؛ مثل الإبريسم، أو لإبطال رداءة في جوهره؛ مثل العقرب. 4ـ الغسل؛ والهدف منه إما إزالة الخاصة المحرقة فيه؛ كالنورة، أو تصغير أجزائه وصقلها كالتوتياء، أو استبعاد قوة غير مرغوب فيها كالحجر الأرمني. وقد مزج ابن سينا وصيادلة آخرون الأدوية بالعسل تارة وبالسكر والعصير تارة أخرى ليصبح طعمها مستساغًا، وكثيرًا ما جعلوها على هيئة أقراص وغلّفوها لإخفاء رائحتها. وكان ابن سينا أول من استعمل طريقة تغليف الحبوب بالذهب والفضة. كما أن الزهراوي كان أول من حضر الأقراص بالكبس في قوالب خاصة.عقاقير استخدمها العرب. اعتمد المسلمون في بادئ الأمر على الأدوية المستجلبة من البلدان التي سبقتهم في هذا المجال، إلا أنه بعد أن صارت لهم خبرة في الطب والصيدلة شرعوا في اكتشاف أو استنباط أنواع كثيرة من العقاقير، تدلنا على ذلك أسماؤها التي وضعها العرب ولا يزال بعضها مستخدمًا في لغات أخرى بصورة أو بأخرى. فمن الأدوية النباتية التي اكتشفوها : السنامكة، والصندل، والكرنب مع السكر، والكافور، والرواند، والمسك، والتمر الهندي، والقرنفل، والحنظل، وحب العروس، والعنبر، وجوز الطيب، والمر، والجوز المقيئ، والقرفة، وخانق الذئب (الألونيت)، والبلسم، والمنّ، والعسل، والصمغ العربي.كما ركّبوا مستحضرات طبية كثيرة؛ ساعدهم في ذلك نبوغهم في الكيمياء، ومن هذه المستحضرات؛ المعاجين المختلفة، والمراهم، والمساحيق، واللزوق، والدهانات، والكحل والسعوط، والحقن الملينة، والأشربة، والماء المقطر، كما اخترعوا الكحول والمستحلبات وأدوية القيء، واللعوقات، والسفوفات، والذرورات والخلاصات العطرية. واستخدم الرازي الزئبق في تركيب المراهم لأول مرة وجرب مفعوله على القردة. كما أن الأطباء المسلمين أول من وصف بذور شجرة البن دواء للقلب، ووصفوا حبوب البن القهوة المطحونة علاجًا لالتهاب اللوزتين والدوسنتاريا (الزحار) والجروح الملتهبة، ووصفوا الكافور لإنعاش القلب. كما خففوا من قوة بعض العقاقير بإضافة عصير الليمون والبرتقال بالإضافة إلى القرفة أو القرنفل. كما توصَّلوا إلى عمل الترياقات التي يتم تركيبها من عشرات أو أحيانًا من مئات العقاقير، وحسنوا تركيب الأفيون والزئبق واستخدموا الحشيش والأفيون وغيرهما في التخدير. انظر: قائمة أهم العقاقير التي استخدمها الصيادلة العرب.أهم العقاقير التي استخدمها الصيادلة العرب الإبريسم التنبول أبو المسك التوتياء الأترج التين الإثمد الثوم الأراك الجوز الزوان الأَرز الجوز الطيب الآس الجوز المقيئ الأقحوان حب الرمان الألبان حب العروس الأهليلج حجر الشريط البابونج حجر القمر بذور شجرة البن الحشيش البصل الحصرم البطيخ الحلبة البقم الحناء البلسم الحنظل البندق الخبازي البنفسج الخرنوب البهمن الأبيض والأحمر الخشخاش البورق الخضابات الترياقات الخطمي التمر الخلنجان التمر الهندي الخل القرفة الصينية مرهم الزفت قرن الأيل مرهم النحاس القرنفل المسك القصب المعاجين القلقند المن الكافور الموز الكحل النارنج الكرفس النبات البري الكركم النبات البستاني الكمّون النبات الجبلي الكبابة النخالة اللبأ النرجس لعوق الكرنب النشادر لعوق اللوز النطرون اللوز النعناع الليمون النورة الماء المقطر الهال/الهيل ماء الورد الهليون المحلب الهندباء المر اليبروح المخدر مرهم الأسفيذاج الينسون/الأنيسون القرفة الصينية مرهم الزفت قرن الأيل مرهم النحاس القرنفل المسك القصب المعاجين القلقند المن الكافور الموز الكحل النارنج الكرفس النبات البري الكركم النبات البستاني الكمّون النبات الجبلي الكبابة النخالة اللبأ النرجس لعوق الكرنب النشادر لعوق اللوز النطرون اللوز النعناع الليمون النورة الماء المقطر الهال/الهيل ماء الورد الهليون المحلب الهندباء المر اليبروح المخدر مرهم الأسفيذاج الينسون- الأنيسون رُوَّاد الصيدلة وأهم مؤلفاتهم. كان أول من أُطْلِق عليه لقب صيدلاني في العصر العباسي أبا قريش عيسى المتطبب، فقد كان صيدلانيًا في الحملة التي بعث بها المنصور لمحاربة سنقار. وقد نال حظوة في بلاد بني العباس. ثم بتطور مهنة الصيدلة ظهر أول طبيب غلبت عليه صفة الصيادلة وهو يوحنا بن ماسويه الخوزي الذي كان أحد معلمي حنين بن إسحاق. ثم ظهر أول كتاب صيدلاني بالعربية اسمه الأقرباذين الكبير في أواخر القرن التاسع الميلادي ألفه سابور بن سهل الكوسج (ت 255هـ، 869م). على أن صناعة الصيدلة والطب قفزت قفزة نوعية ليس في العالم الإسلامي فحسب، وإنما في كل العالم خلال القرنين التاسع والعاشر الميلاديين؛ بظهور خمس موسوعات طبية صيدلانية كتبت بالعربية هي: فردوس الحكمة لعلي بن سهل الطبري، و الحاوي للرازي، و كامل الصناعة لعلي بن عباس المجوسي، و القانون لابن سينا، والتصريف لمن عجز عن التأليف للزهراوي. وختمت هذه الطفرة في القرن الثالث عشر الميلادي بكتابي الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، لابن البيطار (ت 646هـ، 1249م)، و منهاج الدكان ودستور الأعيان لداود العطار (ت بعد 658هـ،1260م). وقد ساهم هؤلاء العلماء وغيرهم بقسط وافر في تقدم الصناعة الطبية والصيدلانية. وفيما يلي وقفة على إسهام بعضهم.إسهام الطبري. كان أبو الحسن علي بن سهل الطبري أستاذًا للرازي الذي أثنى على إسهاماته. وكان حقل الطب على عهد الطبري يجمع بين الطب والصيدلة؛ لذا نجد أن كتابه فردوس الحكمة صورة صادقة لمزج الطب بالصيدلة. وهذا الكتاب أقدم مُؤَلّف باللغة العربية جامع لفنون الطب والصيدلة. وقد مهّد الطريق لمن جاء بعده واقتفى أثره من أمثال الرازي والمجوسي وابن سينا. واحتوى على سبعة أبواب، تضمّن الباب الواحد 30 مقالة مفصلة إلى 360 فصلاً. أفرد الباب السادس للصيدلة، وبه ست مقالات عن المادة الطبية والسموم؛ تحدث فيها عن الأدوية المفردة والمركبة، والصموغ والأشياء المتجلية من الأرض، والأصداف والمعادن والدخان والرماد والزجاج، وقوى الأرض والطين المختوم، وتحضير الأدوية وحفظها، والسموم والترياقات والأقراص والجوارشنات والربوب والأشربة والأدهان، والمراهم.إسهام الرازي. عرف الرازي طبيبًا وكيميائيًا أكثر من نسبته إلى أي علم آخر، لكنه نبغ في الصيدلة أيضًا، ساعده في ذلك نبوغه في الطب والكيمياء. وهو أول من نادى باستقلال الصيدلة عن الطب، وكان يقول لأطباء عصره : إن علم الصيدلة هو العلم الوحيد الذي سيكون العامل المشترك بين الطب والكيمياء، ومن هذا المنطلق كان أول من أدخل المركبات الكيميائية في الصيدلة. ومع أن انفصال الصيدلة عن الطب حدث بعده بفترة كبيرة، إلا أن الفضل يعود له أولاً في الإشارة إلى ذلك. وكتابه الحاوي أضخم موسوعة في علم الأمراض والمداواة كتبت بالعربية حتى عصرنا الحاضر. وقد خصص الأجزاء الأخيرة من هذا الكتاب للصيدلة؛ وفيها تناول قوى الأدوية المفردة، وأحصى فيها نحو 900 عقار. وكان عنوان الجزء قبل الأخير في هذه الموسوعة صيدلة الطب وقدَّم له بقوله: “المعرفة بالأدوية وتمييزها، جيدها ورديها، خالصها ومغشوشها، وإن كان ليس بلازم للطبيب ضرورة ـ كما يحسبه جهال الناس ـ فهو أحرى وأزين به. ولذلك رأيت أن أجمع هذا الفن، وإن لم يكن جزءًا من الطب ضروريًا في كتاب يخصه”. وتناول الرازي في باب صيدلة الطب الأدوية المفردة والمركبة وطرق تحضيرها وكشف غشها كما تناول الأوزان والمكاييل. وفي آخر أجزاء الكتاب تحدث عن قوانين استعمال الأطعمة والأشربة، وأدوية الزينة. وصنّف الرازي إلى جانب الحاوي كتبًا كثيرة بلغت نحو 200 كتاب، إلا أنه في المنصوري و الجامع تدارك ما فاته ذكره في الطب والصيدلة. ووضع الأسس الصحيحة لعلم العقاقير وبين صفاتها وطرق تحضيرها، وكذلك علم الكيمياء الصيدلية، وهو أول من أدخل الزئبق في المراهم، وابتكر طريقة لتحضير الكحول من المواد النشوية والسكرية المتخمرة، واستخدمه في تطهير الجروح. وهناك قول بأن الفضل في اكتشاف دواء مضاد للجراثيم (مضاد حيوي) يعود للرازي، فقد أضاف عفن الخبز والعشب الفطري في أدويته التي تعالج الجروح المتعفنة. وحضر بعض الأحماض مثل حمض الكبريتيك وسمّاه الزاج الأخضر أو زيت الزاج. كما كان أول من استخدم الفحم الحيواني في قصر الألوان؛ ولا يزال هذا الفحم مستخدمًا لإزالة الألوان والروائح من المواد العضوية. وهو أول من فرّق بين كربونات الصوديوم وكربونات البوتاسيوم على الرغم من التشابه الكبير في خصائصهما. وكان أول من قاس الوزن النوعي لعدد من السوائل مستخدمًا ميزانًا أطلق عليه الميزان الطبيعي.إسهام المجوسي. اشتهر علي بن عباس المجوسي بكتابه كامل الصناعة الطبية، الذي ظل المرجع الوحيد في الطب والصيدلة فترة طويلة إلى أن ظهر كتاب القانون لابن سينا فانصرف إليه الناس وتركوا كامل الصناعة جزئيًا. وتذكر بعض التراجم أن كامل الصناعة في العمل أبلغ، والقانون في العلم أثبت. وهناك من المُحْدَثين ـ ممن قارن بين الكتابين ـ من رجّح الكامل على القانون. وأخذ هذا الكتاب طريقه إلى أوروبا عندما ترجمه قسطنطين الإفريقي (ت 471هـ، 1078م) عميد مدرسة الطب في جامعة سالرنو ونسبه إلى نفسه. ولم يكتشف هذا السطو إلا بعد أن قام أسطفان الأنطاكي بترجمته ثانية عام 625هـ، 1227م ومن ثم أثبت عليه اسم المؤلِّف. ويحتوي الكتاب على قسمين؛ نظري وعملي يتضمنان 20 مقالة. وما يختص بالصيدلة ورد في القسم العملي في المقالتين الثانية والعاشرة، وعنواناهما الأدوية المفردة وامتحانها ومنافعها والأدوية المركبة على التوالي. ويُورد تحت الأدوية المفردة خمسة وخمسين بابًا أهمها: امتحان الدواء (اختباره)، وأنواعه مثل الأدوية الملينة والمذيبة، والمسكنة، والمفتتة للحصى، والمدرّة للبول، وأنواع العقاقير التي تؤخذ من النباتات كالأوراق، والبذور، والثمار، والصموغ، وما يؤخذ من المعادن، وما يؤخذ من الحيوان والأدوية المسهلة والمقيئة…إلخ.ويورد تحت الأدوية المركبة ثلاثين بابًا أهمها الترياقات والمعجونات والمطبوخات، والمنقوعات، والسفوفات، والأضمدة، واللعوقات، والأكحال، والأدهان، والربوب، والأقراص، والجوارشنات، والذرورات، وأدوية الرعاف والسمنة والكلف والبهق والبرص والجرب ونحوها. وكان مثل الرازي ينصح المريض أولاً بالعلاج بالأغذية متى أمكن ذلك وإلا فبالأدوية المفردة. وكان يلجأ للأدوية المركبة إذا تعذَّر العلاج بالأغذية والأدوية المفردة.إسهام ابن سينا. تأتي أهمية ابن سينا في حقلي الطب والصيدلة من أنه العالم الذي حدّد النظريات والتطبيقات في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية التي تقابل العصور المظلمة في أوروبا. وإذا كان علي بن سهل الطبري طليعة عهد النهضة العلمية الإسلامية، فإن قمة هذه النهضة كانت في عهد الشيخ الرئيس ابن سينا. فقد تناول علم الصيدلة في موسوعة القانون ـ التي تتكون من خمسة كتب ـ في الكتابين الثاني والخامس. يحتوي الكتاب الثاني على الأدوية المفردة وذكر فيه عددًا كبيرًا من النباتات الطبية العربية المنشأ وكذلك الهندية والفارسية والصينية واليونانية. أما الكتاب الخامس فقد تناول فيه الأدوية المركَّبة وطرق تحضيرها سواءً كانت ذات مصدر حيواني أو معدني أو نباتي. وحضّر ما يربو على 800 دواء مُركَّب استخدمها المسلمون ثم أهل أوروبا من بعدهم زمنًا طويلاً.والكتاب الثاني ينقسم إلى قسمين؛ يتناول القسم الأول أبحاثًا في ماهية الدواء واختياره وصفاته ومفعوله وطرق حفظه. وشرح في هذا الكتاب تأثير بعض الأعمال الصيدلانية في عمل الأدوية المفردة التي قد تفسد مفعولها أو تقلله إذا لم تُراع مواصفات كل دواء. وذكر من ذلك الطبخ العنيف والمعتدل والخفيف، والسحق الشديد والمفرط، و الإحراق الذي يكسر الحدّة، أو الذي يكسب الحدّة، أو الذي يلطِّف الحدة، أو الذي يزيل القوة غير المرغوبة. وأضاف إلى هذا الجزء جداول أطلق عليها اسم الألواح بيّن فيها أثر كل دواء على كل عضو، وجعلها اثني عشر لوحًا؛ وهو تصنيف يمكن أن نطلق عليه في لغة صيادلة العصر التصنيف الفارماكولوجي (تصنيف علم العقاقير). أما القسم الثاني من الكتاب الثاني فيحتوي على الأدوية المفردة ذاتها، وقام بترتيبها ترتيبًا ألفبائيًا وتعّرض بالتفصيل لنحو 600 عقار وذكر أمام كل عقار المعلومات الست التالية: 1- ما هيته 2- اختياره 3- طبعه 4- فعله 5- بديله 6- سمّيته، وقد يضيف إلى بعضها مصدره الجغرافي.والكتاب الخامس يتناول فيه الأدوية المركبة، ويقسمها تبعًا لخواصها إلى: حارة وباردة، ورطبة ويابسة؛ وذلك لأن نظريته في العلاج مُستمدة من أن تركيب جميع الكائنات يقوم على أربعة إسطقسات (عناصر) وأربع كيفيات متضادة. وأن بلوغ الصحة يتأتى من تعادل الأخلاط الأربعة في جسم الإنسان؛ وهي الدم والبلغم والمرة السوداء والصفراء وأطلق عليها اسم المزاج. وعلى الرغم من أن نظرية القوى والأمزجة والأخلاط التي عوّل عليها ابن سينا ومن سبقه من أطباء في شرح آلية تأثير الأدوية، تعد غير مقبولة علميًا في الوقت الراهن،إلا أنه ذكر وصفًا لعشرين فعلاً دوائياً أكثر مما ذكره المجوسي في كامل الصناعة، ولكل منها أهميته في علم الطب الحديث. كما يورد في مقالتي الكتاب الخامس عددًا من المركبات الراتبة في الأقرباذينات، وعددًا من الأدوية المركبة المجربة بالإضافة إلى أصول علم تركيب الأدوية، ولا يفوته ذكر الأوزان والمكاييل المستخدمة في العالم الإسلامي آنذاك بالإضافة إلى ما عند الروم.إسهام الزهراوي. اشتهر أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي بأنه أبو الجراحة في عصر ازدهار العلم الإسلامي ـ العصور المظلمة في أوروبا. وكان خبيرًا بالأدوية المفردة والمركبة. وأشهر مؤلفاته التصريف لمن عجز عن التأليف. ويعد هذا المؤلف دائرة معارف طبية أفادت منه أوروبا على مدى خمسة قرون، واحتل المكانة التي كان يحتلها كتاب بولس الإيجنطي في الجراحة. وقد خص الزهراوي الصيدلة في هذا الكتاب بنصيب كبير، إذ أفرد لها سبعة وعشرين بابًا من بين الثلاثين مقالة التي ضمها الكتاب. تناول الزهراوي في هذه الأبواب الأشكال الصيدلانية، ودراسات عن أدوية تخص معالجة أمراض معينة؛ مثل أدوية القلب وأدوية السمنة والباءة وأمراض النساء. وأفضل ما كتبه في الكتاب عن الصيدلة المقالتين 28 و29. وقد ترجمت الأولى إلى اللاتينية وطبعت في البندقية عام 876هـ، 1471م. وكانت أشهر مقالة صيدلانية، تناول فيها كيفية تحضير العقاقير المعدنية والنباتية والحيوانية وتنقيتها، وذكر أسماء العقاقير بأربع لغات إلى جانب العربية هي: اليونانية والفارسية والسريانية والبربرية. وهو عمل يمكن أن يطلق عليه الآن معجم مصطلحات الصيدلة المتعدد اللغات. كما أورد أسماء الأدوات والأجهزة الكيميائية والصيدلانية، وأبدال الأدوية المفردة وذكر مصادرها ـ إن وجدت ـ وأعمار الأدوية المركبة والمفردة؛ أي تاريخ صلاحية الدواء. وكما فعل من سبقه أتى في النهاية على ذكر الأوزان والمكاييل ورتبها ترتيبًا ألفبائيًا. وكان الزهراوي أول من استخدم الفحم في ترويق شراب العسل البسيط وأول من استخدم قوالب الكبس لصنع الأقراص الدوائية. انظر: الزهراوي، أبو القاسم.إسهام الغافقي. نال أبو جعفر أحمد بن محمد الغافقي (ت 560هـ، 1165م) شهرة عظيمة بعد أن صنف كتابه الأدوية المفردة. وقد جمع فيه نحوًا من 1000 دواء من الأدوية المفردة ووصفها وصفًا دقيقًا وشرح طرق تحضير بعضها واستخدامها، وأورد من بينها النباتات الأسبانية والإفريقية ووضع مقابلاتها العربية واللاتينية والبربرية. كما استقصى في هذا الكتاب كل ما ذكره ديسقوريدس وجالينوس. وكان يرى أن على الطبيب أن يكون ملمًا تمامًا بالدواء الذي يصفه لمرضاه، لكنه لا ينبغي أن يتدخل في صنع هذا الدواء، بل يترك ذلك للصيدلاني الذي ينبغي أن يكون مطّلعًا على استعمال الأدوية وطرق تحضيرها. وإلى جانب الأدوية المفردة له مصنف آخر اسمه كتاب الأعشاب يحتوي على 380 صورة ملونة لنباتات وعقاقير رسمت رسمًا دقيقًا.إسهام ابن البيطار. يُعّد أبو محمد عبدالله بن أحمد بن البيطار (ت 646هـ، 1248م) أكثر علماء النبات المسلمين إنتاجًا وأدقهم في فحص النباتات في مختلف البيئات والبلدان؛ فقد تجوّل في كثير من أقطار العالم المعروف آنذاك رغبة في جمع الحشائش والنباتات، وعني بدراسة كل نبات في زمانه وبيئته. وقد ألّف كتبًا كثيرة أهمها الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، وكان أوسع وأهم كتاب في الصيدلة وعلم النبات طوال الحقبة الممتدة من ديسقوريدس إلى القرن السادس عشر الميلادي. وقد ذكر في هذا الكتاب نحوًا من 1500 صنف من الأدوية الحيوانية والنباتية والمعدنية، من بينها 300 صنف جديد اكتشفها بنفسه. ولعلّ أهم ما يميز هذا الكتاب منهجه العلمي. وكان يرى أن المتقدمين وقعوا في أخطاء “لاعتماد أكثرهم على الصحف والنقل” أما هو فكما يقول عن نفسه: “واعتمادي على التجربة والمشاهدة”. عندما وصل إلى مصر عينه صلاح الدين الأيوبي رئيسًا للعشابين (علماء النبات وتحضير الأدوية). ولما وصل إلى دمشق عينه الملك الكامل بن العادل رئيسًا للعشابين أيضًا. ورتّب ابن البيطار مفردات كتابه ترتيبًا ألفبائيًا، وضع لكل مفردة مقابلها باللغات السائدة آنذاك. وتُرجم هذا الكتاب إلى اللاتينية والتركية والألمانية والفرنسية. انظر: ابن البيطار .يقع هذا المؤلّف الموسوعي في أربعة أجزاء يذكر فيها ماهيات الأدوية، وقوامها ومنافعها ومضارها، وإصلاح ضررها والمقدار المستعمل منها ومن عصارتها أو طبخها، وبدائلها إذا انعدمت. وذكر أسماء النباتات والحيوانات والمعادن التي يتخذ منها العقار، ويصف أجزاءه وصفًا دقيقًا، ومواطن نموه، وطريقة تحضير الدواء منه، ثم طريقة الاستعمال. وعلى الرغم من أنه ضمّن كتابه بعض معتقدات العامة إلا أن مفرداته بصورة عامة يغلب عليها الطابع العلمي من حيث الجمع والترتيب والتبويب وسلامة العرض وأمانة النقل.إسهام داود العطار. ختم أبو المنى داود المعروف بكوهين العطار (ت نحو 658هـ، 1259م) قمة حقبة المجد الصيدلاني في الدولة الإسلامية خلال الفترة التي تبدأ بالقرن الثامن الميلادي وتنتهي بنهاية القرن الثالث عشر منه، واهتم بدراسة العقاقير فألف كتابه المشهور منهاج الدكّان ودستور الأعيان في تركيب الأدوية النافعة للأبدان. وقد جمع هذا الكتاب كما يقول في مقدمته: “…مختارًا من عدة أقرباذينات… كالإرشاد الملكي، والمناهج وأقرباذين ابن التلميذ والدستور… ومما نقلته عن ثقات العشابين ومما امتحنته وجربته بيدي”.ذكر داود العطار نحوًا من 24 شكلاً صيدلانياً عرف في عصره، وطرق تحضيرها، بالإضافة إلى دراسة وافية مفصلة لأعمار الأدوية. وتناول الأدوية النباتية المفردة وقوتها. ووصف طرق فحص الأدوية المغشوشة من الأصيلة وهو ما كان يسمى آنذاك بامتحان الأدوية ومن أهم الأدوية التي ورد ذكرها في دستور الدكان: الأشربة وطبخها، والمربيات، والمعاجين والجوارشنات، والسفوفات، والأقراص، واللعوقات، والحبوب، والمراهم، والأدهان، والأدوية المسهلة والقابضة، والأكحال.تميز داود العطار عن غيره بالنزاهة التي عرفت لابن البيطار والرازي وغيرهما من علماء العرب والمسلمين؛ فقد اعترف أنه جمع معظم مادته من خبرته وتجربته الشخصية بالإضافة إلى أخذه من عدة مصادر أخرى كالإرشاد لابن جميع، و كامل الصناعة للمجوسي و المنهاج لابن جزلة البغدادي و أقرباذين ابن التلميذ و الدستور البيمارستاني للشيخ السديد.أشهر الصيادلة وأهم مؤلفاتهم الصيدلانية الصيدلاني تاريخ وفاته أهم مؤلفات أبو الحسن علي بن سهل الطبري بعد عام 236هـ، 850م فردوس الحكمة؛ منافع الأطعمة والأشربة والعقاقير؛ تدبير الأغذية. يوحنا بن ماسويه الخوزي 243هـ، 857م الأدوية المسهلة؛ السموم؛ السواك والسنونات. سابور بن سهل الكوسج 255هـ، 868م الأقرباذين الكبير. حنين بن إسحاق 260هـ، 873م كتاب البول؛ الأدوية المفردة؛ أسرار الأدوية المركبة. الكندي، يعقوب بن إسحاق نحو سنة 260هـ، 873م الأدوية الشافية؛ الطب الأبقراطي؛ الغذاء والدواء المهلك. الرازي 311هـ، 923م الحاوي؛ المنصوري؛ الأقرباذين الكبير؛ منافع الأغذية ومضارها؛ سر الأسرار؛ الأدوية المسهلة الموجودة في كل مكان. أبو داوود سليمان بن جلجل الأندلسي بعد سنة 377هـ، 987م أسماء الأدوية المفردة. أبو عبدالله التميمي 380هـ، 990م مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء. علي بن عباس المجوسي 383هـ، 993م كامل الصناعة. أبو بكر بن سمجون 392هـ، 1001م الأدوية المفردة؛ الأقرباذين. ابن الجزار، أحمد بن إبراهيم نحو سنة 395هـ، 1004م زاد المسافر؛ إبدال الأدوية؛ البغية في الأدوية المركبة. ابن سينا، أبو علي الحسين بن عبدالله 428هـ، 1036م القانون في الطب؛ الأدوية الفلسية. البيروني، أبو الريحان محمد بن أحمد 440هـ، 1048م الصيدنة في الطب. أبو المطرف اللخمي بعد سنة 460هـ، 1067م الأدوية المفردة. ابن جزلة أبو علي يحيى 493هـ، 1099م تقويم الأبدان؛ منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان أبو الصلت بن أبي الصلت 529هـ، 1134م الأدوية المفردة ابن باجة أبوبكر الصايغ 533هـ، 1138م كتاب التجربتين على أدوية ابن وافد؛ شرح كتاب الأدوية لجالينوس. أبو عبدالله الألبيري 537هـ، 1142م مداواة العين. أبو العشائر بن جميع الإسرائيلي بعد سنة 547هـ، 1152م الليمون وشرابه ومنافعه. أبو مروان بن زهر 557هـ، 1161م التيسير في المداواة والتدبير؛ الأغذية. أمين الدولة بن التلميذ البغدادي 560هـ، 1164م الموجز البيمارستاني؛ المقالة الأمينية في الأدوية البيمارستانية. الغافقي، أبوجعفر أحمد بن محمد 560هـ، 1164م الأدوية المفردة؛ كتاب الأدوية. الشريف الإدريسي محمد بن أحمد نحو 560هـ، 1164م الجامع لصفات أشتات النبات. أبو محمد عبدالله بن رشد 596هـ، 1199م الترياق. موسى بن ميمون 601، 1204م شرح أسماء العقاقير. أبو الحجاج الإسرائيلي بعد سنة 601هـ، 1204م رسالة في ترتيب الأغذية اللطيفة والكثيفة. نجيب الدين السمرقندي بعد سنة 606هـ، 1209م أغذية المرضى؛ الأقرباذين الكبير. القلانسي بدر الدين بن بهرام 627هـ، 1229م الأقرباذين. موفق الدين عبداللطيف البغدادي 629هـ، 1231م ميزان الأدوية المركبة؛ اختصار كتاب الأدوية المفردة لابن وافد. سديد الدين أبو الفضل الإسرائيلي 636هـ، 1238م الأقرباذين. أبو العباس بن الرومية 637هـ، 1239م تركيب الأدوية. رشيد الدين الصوري 639هـ، 1241م فوائد وتعاليق ووصايا طبية. ابن البيطار 646هـ، 1248م الجامع في الأدوية المفردة؛ المغني في الأدوية المفردة. العنتري أبو المؤيد الجزري نحو 650هـ، 1252م الأقرباذين. داود العطار بعد سنة 658هـ، 1259م منهاج الدكان ودستور الأعيان. عماد الدين الربعي بعد سنة 667هـ، 1268م المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة؛ نظم الترياق الفاروق. أبو حليقة رشيد الدين أبو الوحش بعد سنة 676هـ، 1277م المختار في ألف عقار. ابن النفيس، علاء الدين القرشي 687هـ، 1288م النباتات في الأدوية المفردة؛ المهذب في الكحل المجرب. الجويني الكتبي البغدادي بعد سنة 717هـ، 1317م ما لا يستطيع الطبيب أو الصيدلي جهله. نجم الدين محمود الشيرازي 730هـ، 1329م الحاوي في علم التداوي. منجزات طبية وصيدلانية. أسهم العرب كثيرًا في حقلي الطب والصيدلة؛ ومن أهم إسهاماتهم؛ إدخال طرق جديدة للتشخيص المباشر والتشخيص السريري، وعلاج أمراض القلب، واكتشاف طرق مستحدثة للعلاج النفسي، وتطوير عمليتي التخدير والإنعاش بإدخال مواد جديدة إلى هذا الحقل، واكتشاف طرق جديدة لتفتيت الحصى في المثانة للرجال، واستئصال حصى المثانة عند النساء عن طريق المهبل، وفي جراحة القضيب الهوائية، كما اكتشفوا الدورة الدموية الصغرى (الدورة الرئوية). ومن منجزاتهم أنهم أسسوا علم الطب التجريبي. وقد حفظوا التراث الطبي للأمم التي سبقتهم من الضياع وأهملوا ما يتنافى فيه مع العلم والتجربة، وصححوا الأخطاء الواردة فيه وأضافوا معارف جديدة. ومن ذلك إقامة المدارس الطبية الملحقة بالبيمارستانات، بما في ذلك نظام الإعاشة لطلابها على غرار المدارس الداخلية في وقتنا الراهن، ويتلقى فيها الطلاب دروسهم النظرية والتطبيقية، ويتقدمون في نهاية الدراسة إلى امتحان كفاية يُقْسِم بعده من ينجحون يمين المهنة، ويتسلمون براءة ممارستها تحت رقابة الدولة. ومن هذه المدارس : مدرسة دمشق، ومدرسة بغداد، ومدرسة قرطبة. كما أدخلوا نظام الفحص اليومي على المرضى بالمستشفيات، وتدوين خلاصة الفحص على لوحة سرير المريض، وابتكار نظام الحمْيات (الوجبات الخاصة) للمرضى، ووضع القواعد في طب العيون، وابتكار أدوات جراحية مختلفة كالمكاشط، والكلاليب والحقن المعدنية لاستخراج حصاة المثانة والمشارط. كما أجروا نظام اختبار كفاية للأطباء وهم في الخدمة، وكان مبدأ ذلك في عهد الخليفة المقتدر بإشراف الطبيب سنان بن ثابت بن قُرة. وهم أول من اعتمد طريقة التشخيص السريري على المرضى، وكذلك العزل (الحجر) الصحي، كما ابتكروا طرقًا أخرى في التشخيص تعرفوا بها على أعراض كثير من الأمراض، وتوصلوا إلى سبل لمعالجتها. من ذلك؛ العقم وأسبابه، والتخنث وحالاته وعالجوا بعض حالاته جراحيًا. ومن هذه الأمراض داء الجمرة والفيلارية والأورام الخبيثة التي عالجوا بعضها جراحياً وهي في أطوارها الأولى، والجذام وقد عزلوا المصابين به في مستشفيات خاصة، والسُّل الذي اكتشفوا أعراضه في لون أظافر المرضى. والشلل وأنواعه وعالجوه بأدوية مخالفة للأدوية التي استخدمها من قبلهم، وكذلك البواسير وقد درسوا أسبابه. وأجروا عمليات جراحية مستعصية في العين مثل قدح الماء الأزرق، كما شقّوا القصبة الهوائية والمريء والمستقيم للتوصل إلى التغذية الاصطناعية. وربطوا الشرايين أثناء العمليات الجراحية وفي حالات النزف.كما كانوا أول من استخدم فتيلة الجرح وأمعاء الحيوانات في العمليات الجراحية، وأول من استخدم الرصاص الأبيض في المراهم والزئبق في تركيب المسهلات. وكانوا أول من فرّق بين الجراحة وغيرها من الحقول الطبية وجعلوها قائمة على أساس دراسة تشريح الأجسام. وفصلوا بين الصيدلة والطب وأسسوا علم الصيدلة وفق أساليب علمية منظمة كما كانوا أول من أدخل استعمال السكر في تركيب الأدوية لتحل الأشربة الحلوة المستساغة للمرضى محل الأشربة المرّة. وصنفوا النباتات الطبية ووصفوها واستخدموها في المجالات الطبية وصناعة العقاقير. وقد برعوا في التمييز بين الأمراض ذات الأعراض المتشابهة كالحصبة والجدري، ومرض النقرس والرثية، والالتهاب الرئوي والالتهاب البلوري، وحصى الكلية وحصى المثانة، والمغص المعوي والمغص الكلوي، والسدر والدوار، والشلل النصفي واللقوة (شلل الوجه). وميّزوا بين ما هو ناتج عن سبب موضعي وما ينتج عن سبب مركزي في الدماغ، وألّفوا في هذا المجال بعض التصانيف منها كتاب ابن الجزار الفرق بين العلل التي تشتبه أسبابها وتختلف أعراضها. واكتشفوا مرض الإنكلستوما و الدودة التي تسببه. واكتشفوا الطفيليات المسببة للجرب. والعلماء المسلمون أول من استفاد من الكيمياء في حقل الصيدلة. ولما اعتمد علمهم التجربة والمشاهدة والقياس؛ فقد أجروا التجارب على الحيوانات كالقرود قبل تجربتها على بني البشر. وبيّنوا علاقة بعض الأمراض بالخمر، كما وصفوا داء الفيل وانتشاره في الجسم. ولاحظوا أن لكل مرحلة من العمر معدّلاً معينًا في النبض، وبيّنوا أثر العوامل النفسية في اضطرابه. واستخدموا الأنابيب القصديرية المجوّفة لتغذية المصابين بعسر البلع. والأطباء المسلمون أول من استخدم الإسفنجة المبنجة (المخدِّرة) التي كانت توضع في عصير من الحشيش والأفيون والزؤان وست الحسن (الهيوسيامين). كما برعوا في تشريح العيون وجراحتها وعرفوا ما يطلق عليه اليوم التشريح المقارن. وعرفوا كيفية خياطة الجروح بشكل داخلي لا يترك أثرًا ظاهرًا من الخارج والتدريز في جراحات البطن، وكيفية الخياطة بإبرتين وخيط واحد مثبت بهما. وهناك إسهامات أخرى للعلماء المسلمين في حقلي الطب والصيدلة يضيق المجال عن ذكرها.
الكيمياء
http://www2.0zz0.com/2009/10/27/11/576609590.jpg
تواريخ مهمة في الكيمياء
يقصد بالكيمياء الدراسة العلمية لخصائص المادة وتركيبها وبنيتها، والتغيرات التي تحدث في بنية المادة وتكوينها، والتغيرات المصاحبة في الطاقة. اختلف مؤرخو العلوم حول أصل هذه الكلمة فمنهم من ردها إلى أصل مصري ومنهم من ردها إلى أصل يوناني ومنهم من قال إنّ أصلها عبريّ، بينما أكَّد كثيرون أن أصلها عربي اشتق من كَمى يَكْمي بمعنى أخفى أو ستر؛ وفي ذلك إشارة لما كان يكتنف الكيمياء من غموض وسرّية. وكان المبدأ في ذلك كما نقل عن الجلدكي؛ أنه من المفترض على المشتغلين بالكيمياء “كتمان هذا العلم وتحريم إذاعته لغير المستحق… لأن في إذاعته خراب العالم”. كان العرب يطلقون على هذا العلم أسماء كثيرة بعضها يشير إلى طبيعة العلم، والآخر يشير إلى منهج البحث لديهم، ومن ذلك علم الصنعة، وعلم التدبير، و علم الحجر، وعلم الميزان. وهناك رأي يقول : إن الكيمياء كانت نقلة تلت الصنعة، وحدث ذلك لأن الكيمياء العربية تأثرت في طورها المبكر بالخيمياء اليونانية والسريانية التي لم تكن ذات قيمة. انظر: الخيمياء. حيث اعتمد الإغريق والسريان آنذاك على الفرضيات والتحليلات الفكرية، إذ إن الخيمياء تلجأ إلى الرؤية الوجدانية في تعليل الظواهر والخوارق في التفسير، وترتبط بالسحر وهو ما سمّاه العرب علم الصنعة الذي كان يسعى منذ قديم الزمن إلى بلوغ هدفين بعيدين: أولاً تحويل المعادن الخسيسة كالحديد والنحاس والرصاص والقصدير إلى معادن نفيسة كالذهب والفضة من خلال التوصل إلى حجر الفلاسفة. وثانيًا: تحضير إكسير الحياة ليكون بمثابة علاج يقضي على متاعب الإنسان وما يصيبه من آفات وأمراض، ويطيل حياته وحياة الكائنات الحية الأخرى. ولذلك نستطيع القول إن الكيمياء بدأت مع علوم السحر والوهميات المبهمة لارتباط ذلك بالتنجيم؛ فعلى سبيل المثال كانت الشمس تمثل الذهب، والفضة تمثل القمر، والزئبق عطارد، والحديد المريخ، والقصدير هرميز، والنحاس الزهرة. وكان هذا هو الاعتقاد السائد في أوروبا إبان القرون الوسطى، حيث كان علماؤها يدَّعون أن علم الكيمياء جزء لا يتجزأ من علم السحر.وصلت الصنعة إلى العرب بوساطة الإسكندرانيين عندما استقدم خالد بن يزيد بن معاوية (ت 85هـ، 704م) بعض الأقباط المتحدثين بالعربية مثل مريانوس، وشمعون، وإصطفان الإسكندري، وطلب إليهم نقل علوم الصنعة إلى العربية. وتعلم خالد بن يزيد هذه الصنعة بهدف تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، وبذا يكون أول من نقل الكيمياء واشتغل بها. وهكذا نجد أن هذه الصنعة وصلت إلى العرب. وقد تخلل ما كُتب فيها كثير من الأضاليل والطلاسم والأوهام، وكان هدفها تحقيق غايات وهمية لا تمت إلى الكيمياء الحقيقية بصلة؛ إذ إن الأخيرة ترتكز على قواعد وقوانين علمية.
الكيمياء العربية. في بادئ الأمر انتقلت الخيمياء بمفهومها الخاطئ إلى العلم العربي، فاعتقد المشتغلون بها من العلماء المسلمين مثل اعتقاد اليونان والسريان النسطوريين أن أصل جميع المعادن واحد: الماء، والهواء والنّار، والتراب. وأن طبائعها قابلة للتحويل ويعود سبب اختلافها فيما بينها إلى اختلاف نسب العناصر المكونة لها، وما على من يرغب في الحصول على الذهب مثلاً إلا أن يعيد تركيب هذه العناصر من جديد بنسب صحيحة بعد تحليل المعدن إلى عناصره الأساسية. وعلى الرغم من أنه لم يتوصل أحد لذلك، سواء من العرب أو من سبقهم، إلا أن سعي العلماء المسلمين للوصول إلى هذا الهدف جعلهم يكتشفون مواد جديدة ـ عن طريق المصادفة ـ ويتوصلون إلى قوانين جديدة عديدة؛ مما مكنهم في النهاية من الانتقال من الخيمياء إلى الكيمياء.بعد أن نقل العرب والمسلمون ما لدى الآخرين من علم الخيمياء، وبعد أن تعمقوا في الصنعة وتوصلوا رويدًا رويدًا إلى اكتشافات جديدة، نجد أنه بحلول أواخر القرن الثالث للهجرة وأوائل الرابع قام عالَمٌ كيميائي عربي يختلف في رؤيته للتفصيلات والجزئيات عما سبقه نصًا وروحاً. فبإدخال التجربة العلمية والمشاهدات الدقيقة أضفى العلماء المسلمون على هذا العلم أصالة البحث العلمي التجريبي؛ لذا يوجد شبه إجماع لدى كثير من الباحثين على أن العرب هم مؤسسو علم الكيمياء التجريبي. وهم الذين أظهروا دراساته من السّريّة والغموض والطلاسم، التي عرفها بها الآخرون، واختطوا لها منهجًا استقرائيًا سليمًا يقوم على الملاحظة الحسيّة والتجربة العلمّية التي أطلقوا عليها في كتاباتهم اسم الدّربة والتجربة.وعن طريق التجارب وصلوا إلى مركبات وأحماض لم تكن معروفة من قبل واستفادوا منها في حقلي الطب والصيدلة على وجه الخصوص. كما استطاعوا أن يوظِّفوا هذه المعارف في الصناعات المختلفة أو ما يمكن أن نطلق عليه في العصر الحديث الكيمياء الصناعية. وتوصل العلماء المسلمون إلى كثير من العمليات الأساسية في الكيمياء ووصفوها وصفًا دقيقًا وبينوا الهدف من إجرائها.وكان منهجهم العلمي وتعبيرهم عن التغيرات التي تطرأ على المادة واضحين؛ ومثال ذلك نهج الكندي (ت 260هـ، 873م) في تحضير الفولاذ بمزج الحديد المطاوع بالحديد الصلب وصهرهما للحصول على حديد يحتوي على نسبة لا تقل عن 0,5% من الكربون ولا تزيد على 1,5%، وهي طريقة لا تختلف كثيرًا عما كان يُحضَّر من الفولاذ حتى مطلع القرن العشرين.كما عمد الكيميائيون العرب إلى تصنيف الأجسام الكيميائية مراعين تشابه الخواص فيها، فصنفوها إلى معدنية ونباتية وحيوانية ومولَّدة (مشتقة). ولم يقف تصنيفهم عند هذا الحد، بل تعداه إلى تقسيمات فرعية أخرى أصغر لهذه الأجسام. فعلى سبيل المثال، قسموا الأجسام المعدنية إلى ست فئات أخرى هي 1ـ الأرواح؛ كالزئبق، 2ـ الأجساد (العناصر الفلزية)؛ كالذهب، 3ـ الأحجار؛ كالتوتياء، 4 ـ الزاج؛ كالزاج الأحمر والشب، 5ـ البورق؛ كالنطرون، 6 ـ الملح؛ كالملح المر (كبريتات المغنسيوم). واستخدموا في التجارب أدوات لم تعرف عند غيرهم وكانت النواة لبعض الأدوات البسيطة الحالية ومنها: القرعة، والإبريق، والقارورة، والمدق (الهون)، والملعقة، والمقراض، والمرجل، والمبرد، والحوض، والمكسر، وأجهزة التقطير، وكرة السحق، والأنبوب، والقرن، والصفارة، والكلاب، والمثقب، والكور، والقالب، والمثقال، والموقد ، والفرن، والماشق (الماسك)، والقمع، والمنجل، والراووق، وآلة التكليس، والميزان، والقطارة، والصَّدَفة، والمنفخ، والبوطقة، والبرنية (إناء فخاري)، والقدح، والإنبيق، وقد وصف الرازي وحده في سر الأسرار أكثر من 20 جهازًا استخدمها في تجاربه منها الزجاجي والمعدني والفخاري.المنهج العلمي الجديد. انتقلت الكيمياء إلى العرب من خلال مدرسة الإسكندرية التي كانت تقول بإمكان تحويل العناصر. وانتقل إليهم مع هذه الكيمياء فيض من الفلسفة الهيلينية والآراء النظرية؛ نظرية أرسطو في تكوين الفلزات، وهي فرع عن نظريته الأساسية في العناصر الأربعة الماء والهواء والتراب والنار. إلا أن العلماء المسلمين ـ بعد أن توطدت أقدامهم في العلم ـ انتقدوا ما ذهب إليه أرسطو من إمكان إيجاد عنصرين آخرين دخاني ينتج عن تحويل التراب إلى النار ومائي ينتج عن تحويل الماء إلى الهواء وباتحادهما تحدث الفلزات في باطن الأرض.وعلى الرغم من أن الهدف الرئيسي للعلماء المسلمين كان في بادئ الأمر ذات الهدف الذي شغل الكيميائيين الذين سبقوهم؛ أي تحوُّل ماهية معدن إلى معدن آخر، إلا أن هذا السبب نفسه هو الذي قادهم إلى إخضاع هذا العلم ليكون علمًا قائمًا على التجربة والملاحظة؛ إذ إنهم لم يجدوا إلى معرفة ماهيات المعادن من سبيل، إنما كان الممكن وزنها وقياسها فحسب. وتناسب المواد إلى بعضها لا يكون إلا بنسبة عددية، وليس من سبيل للوصول إلى ذلك إلا عن طريق التجربة. كما صرَّح بذلك جابر بن حيان: “إن كمال الصنعة العمل والتجربة، فمن لم يعمل ولم يجرب لم يظفر بشيء أبدًا” و “الدربة تخرج ذلك. فمن كان دربًا كان عالمًا حقًا… وحسبك بالدربة (التجربة) في جميع الصنائع”.وكان إخضاع الكيمياء للعلم أهم محاولة قامت في القرون المزدهرة للمسلمين لدراسة الطبيعة دراسة علمية تطبيقية فاحصة. وقد أخضع كل من أتوا بعد عصر ابن حيان من الكيميائيين العرب أبحاثهم للتجربة. وباختصار نجد أن الكيمياء لم تصبح علمًا حقيقيًا إلا بعد أن آل أمرها للمسلمين، وقد خرجوا بها من إطار النظرية التي نقلوها عن اليونان إلى التجربة والملاحظة والاستنتاج؛ وكان نتاج ذلك ذخيرة قيمة لم يحجبوها عن العالم، بل قدَّموها لمن خلفهم في العلم فبنوا على أساسها صرح الكيمياء الحديثة وكان العرب دعامة ذلك الصّرح وركيزته.لم يمنع تقدم العرب في هذا المجال أن يقعوا في بعض الأخطاء التي صححها من أتى بعدهم، فهذه سنة العلم تمامًا كما صحح العرب من قبل نظريات من نقلوا عنهم من الإغريق. من ذلك نظرية جابر بن حيان في تكوين العناصر، حيث قال بأن جميع المواد المشتعلة تحتوي على عنصر الاشتعال الذي هو صورة من صور الكبريت. إلا أن شتال (ت 1144هـ، 1731م) نقض ما قاله جابر بما سُمّي بنظرية الفلوجستون. وعلى الرغم من أن لافوزيه قد دحض بدوره نظرية الفلوجستون عام 1188هـ، 1774م وأبان خطأها، إلا أنها كانت مفتاحًا للتعدين والحصول على بعض الفلزات من أكاسيدها. ويُعزى اعتقاد جابر إلى أسباب عدة منها: 1ـ إن أغلب العناصر التي عرفت حتى ذلك الوقت كان يتم الحصول عليها من كبريتاتها عن طريق التشوية (التحميص) كما ذكر جابر ذلك بنفسه، وينبعث غاز ثاني أكسيد الكبريت وغيره أثناء التعدين. 2ـ إن السبب الرئيسي الذي يتبادر إلى الذهن هو الاعتقاد بأن الكبريت موجود في كل العناصر. وقد قام بدراسة صور الكبريت كلها 3 ـ إن وضعه الزئبق كأحد عنصرين رئيسيين في تكوين المعادن، يعود إلى أنه يتحد مع كل العناصر تقريبًا من خلال تكوين الآصرة المعدنية التي لم تعرف إلا في القرن العشرين.بعض الألفاظ العربية المتداولة في حقل الكيمياء. اللفظ العربي مقابله الإكسير Alixir الأنبيق Alanbic الأنيلين (النيل/النيلة) Aniline البورق Borax التوتياء Tutty الخيمياء Alchemy الرهج القار Realgar الزرنيخ Arsenic الزعفر (الصفُّر) Zaffre زعفران Saffran الزنجفر Cinnabar الرُّب Rab السكر Sugar الصابون Sapon الطلق، تلك Tale عطر Attar العنبر Amber غرافة Carafe قرمز Kermes القلقطار Colcothar القلوي Alkali القلي Alcali قيراط Carat الكافور Camphor كبريت Kibrit الكحل Kohl الكحول Alcohol كيمياء Chemistry اللك Lacquer المركزيت Marcasite المعجون Majoon الملغم Amalgam النطرون Natron النطفة Naphta النيل Anil مواد كيميائية جديدة. بعد أن استقر لدى العلماء العرب والمسلمين منهج واضح، قوامه التجربة العلمية، توصلوا من خلال العمليات التي مارسوها إلى مواد كيميائية جديدة عديدة، اكتشفوها أو حضروها. من ذلك: 1ـ زيت الزاج (حمض الكبريتيك) H2SO4، وهو حمض قوي يستخدم في صناعات كثيرة وقد حضروه من تقطير الزاج الأزرق (كبريتات النحاس المائية)، ومنه الزاج الأبيض الذي كان يُسمّى القـلقيدس، واستخدموا محلــوله المــائي المخفف قطرة للعين؛ وهـو كبـريتات الخـارصـين المتـبلّـرة Zn SO4.7H2O، ومنه الزاج الأخضر وأطلقوا عليه اسم القلقند، والزاج الأصفر وأسموه القلقطار، والزاج الأحمر السوري، والشب وصيغته الجزيئية K2 SO4 Al2 (SO4)3 24H2O ، 2ـ ماء الفضة (حمض النتريك) HNO3، وهو حمض قوي يستخدم في الصناعة، 3 ـ روح الملح (حمض الهيدروكلوريك) HCL، وهو حمض يؤثر في المعادن، 4ـ الماء الملكي (حمض النتروهيدروكلوريك) (HCL + HNO3)؛ وهو مزيج من كميات متعادلة حجمًا من حمض النتريك وحمض الهيدروكلوريك، ويطلق عليه أيضًا ماء الذهب لأنه الوحيد من بين الأحماض الذي يتفاعل مع الذهب، 5ـ حمض الطرطير (HOOC-CH2-CH2-CH2-CH2-COOH)، وهو مادة تترسب على الأسنان، وفي براميل الخمور، 6ـ النطرون (الصودا الكاوية) NaOH وتستخدم في صناعة الصابون والحرير الصناعي، 7ـ الراسب الأحمر (أكسيد الزئبق) Hg2O، 8- السليماني (كلوريد الزئبق ) HgCl2، 9ـ ملح البارود (كربونات البوتاسيوم) K2CO3 10 – كربونات الصوديوم Na2CO3، 11 – كربونات الرصاص القاعدية PbCO3(OH)2، 12ـ حجر جهنم (نترات الفضة ) AgNO3، 13ـ النشادر NH3، 14ـ الأثمد Sb، ويستخدم الآن في مزج المعادن، 15ـ الكحول الميثيلي CH3OH، 16ـ ثاني أكسيد المنجنيز MnO2، 17ـ الأسرنج الأحمر (ثاني أكسيد الرصاص الأحمر Pb3O4) ويسـتخدم فـي الــصباغة 18ـ أول أكسيد الرصاص 19ـ الزنجفر (كبريتيد الزئبق) HgS 20 ـ الرهج (كبريتيد الزرنيخ) 21 ـ الشك؛ بياض الزرنيخ (ثلاثي أكسيد الزرنيخ) As2O3، 22 ـ الفيروزج (فوسفات الألومنيوم القاعدية المتحدة مع النحاس) Cu Al6 (PO4)4(OH)8.5H2O، 23 ـ الساذنج أو حجر الدم (أكسيد الحديد المتبلر) واستعمل لوقف الرِّعاف. 24 ـ المرتك (كبريتيد المولبدنوم) MoS2، 25ـ زعــفــران الحديد (أكـسيد الحديد) FeO، 26ـ الدهننج (كربونات النحاس القاعدية) Cu2CO3 (OH)2 ،27ـ الكحل (كبريتيد الرصاص) (PbS) واستخدم لغرض جمالي، 28 – والطلق، التلك، 29ـ الجبسين؛ ويشبه الشب من حيث المظهر CaSO4.2H2O ، وكان يستخدم في تجبير العظام.العمليات الكيميائية. استخدم العلماء المسلمون عمليات كيميائية متعددة سواء في تحضير الأدوية المركّبة أو في بعض الصناعات، واختبروا من خلال هذه العمليات خصائص العناصر التي تدخل في هذه العمليات، كما حضروا أنواعًا مختلفة من المواد أو طوّروها لتناسب أغراضهم سواء لفصل السوائل عن بعضها، أو لتحضير بعض المعادن من خاماتها، أو لإزاحة الشوائب، أو تحويل المواد من حالة إلى أخرى. كما استعملوا الميزان استعمالاً فنيًا في ضبط مقادير الشوائب في المعادن، وهو أمر لم يعرفه العالم إلا بعد سبعة قرون من استخدام المسلمين له.أهم العمليات التي مارسها الكيميائيون العرب لتحضير المواد وتنقيتها هي: 1- التشوية؛ واستخدمت هذه الطريقة ـ ولا زالت تستخدم حتى اليوم ـ في تحضير بعض المعادن من خاماتها، واستخدموا فيها الهواء الساخن؛ حيث توضع المادة في صلاية بعد غمسها في الماء ثم تنقل إلى قارورة تعلَّق داخل قارورة أخرى أكبر منها، ثم تسخّن الأخيرة مدة طويلة إلى أن تزول الرطوبة، ثم تُسد فوهة القارورة الداخلية التي تحتوي على المادة. و 2- التقطير؛ ويتم بغليان السائل في وعاء خاص ليتحول بوساطة الحرارة إلى بخار، ثم يكثف البخار ليتحول إلى سائل بوساطة الإنبيق ويتجمع السائل المتكاثف في دورق خاص، وتستخدم هذه الطريقة لتخليص السائل من المواد العالقة والمنحلة به، ولفصل السوائل المتطايرة من غير المتطايرة. و3- التنقية؛ ويتم في هذه العملية إزالة الشوائب عن المادة المطلوبة، ولتحقيق هذا الهدف تستخدم عمليات مساندة أخرى كالتقطير، والغسيل، والتذويب في مذيبات مختلفة، والتبلّر الجزئي. و4- التسامي؛ وهو تحويل المواد الصلبة إلى بخار ثم إلى الصلابة مرة أخرى دون المرور بمرحلة السيولة كاليود والكافور. و5ـ التصعيد؛ وهو تسخين المادة السائلة ـ خاصة الزيوت العطرية وغيرها ـ بسوائل أو مواد صلبة درجة غليانها عالية. وعند تسخين هذه المادة في حمام مائي بحيث لا تزيد درجة حرارته عن 100°م تتصاعد الأجزاء المتطايرة، وتبقى الأجزاء الثابتة. وأول من استخدم هذه الطريقة الكندي وسماها في كتابه تصعيد العطور، وكان يقوم بهذه العملية مستخدمًا التصعيد البخاري. و6- التكليس، ويشبه عملية التشوية، إلا أنه في التكليس يتم تسخين المادة تسخينًا مباشرًا إلى أن تتحول إلى مسحوق، واستخدم التكليس كثيرًا في إزالة ماء التبلر، وتحويل المادة المتبلرة إلى مسحوق غير متبلر. و7- التشميع؛ وهو تغليف المادة بالشمع لعزلها وحمايتها من عوامل معينة كالتلوث أو لتسهيل بعض العمليات. ويتم التشميع بإضافة مواد تساعد على انصهار المواد الأخرى؛ فبإضافة البورق أو النطرون (كربونات الصوديوم) إلى الرمل تسهل عملية صهر الرمل لصنع الزجاج. و8- الملغمة؛ وهي اتحاد الزئبق بالمعادن الأخرى. وعلى الرغم من أن العرب لم يكونوا أول من استخدم هذه العملية، إلا أنهم أول من استخدمها في التمهيد لعمليتي التكليس والتصعيد و9- التخمير؛ وهو تفاعل المواد النشوية مع الطفيليات الفطرية. وقد هدتهم التجربة إلى ابتكار طريقة لتحضير الكحول الجيد من المواد النشوية والسكرية المتخمرة. ومن المعلوم أنهم أول من استخدم عفن الخبز والعشب الفطري في تركيب أدويتهم لعلاج الجروح المتعفنة. و10- التبلر؛ وفيه تتخذ بعض الأجسام أشكالاً هندسية ثابتة تتنوع بتنوع هذه الأجسام، ويتم ذلك بإذابة المادة في أحد المذيبات في درجة حرارة عالية حتى يتشبع المحلول، وعندما يبرد المحلول تنفصل بلورات المادة المذابة عن المحلول على هيئة بلورات نقية، وتظل الشوائب مذابة في المحلول المتبقي، ثم يرشح المحلول للحصول على المادة المتبلرة. و11- التبخير؛ وهو تحويل الأجسام الصلبة والسوائل إلى بخار بتأثير الحرارة. و12- الترشيح؛ ويستخدم للحصول على المواد المتبلرة أو النقية، واستخدموا فيه أقماعًا تشبه الأقماع المستخدمة حاليًا، واستعاضوا عن ورق الترشيح بأقمشة مصنوعة من الشعر أو الكتان تتناسب دقة نسجها وخيوطها مع المحلول المراد ترشيحه.نظريات وآراء. على الرغم من أن العلماء العرب والمسلمين كانوا تلاميذ للحضارة اليونانية في مجال الكيمياء، إلا أنهم سرعان مانبغوا في هذا العلم وصارت لهم نظريات وآراء جديدة تختلف كل الاختلاف عن نظريات أساتذتهم، حتى عُدت الكيمياء علمًا عربيًا بحتًا. ومن خلال تطويرهم هذا العلم خرجوا بكثير من الآراء وحضّروا الكثير من المستحضرات من ذلك: 1- اعتبار التجربة في الكيمياء أساسًا للتثبت من صحة التفاعلات الكيميائية، وإقرار التجربة المخبرية لأول مرة في منهج البحث العلمي، و2- وصف التجارب العلمية بدقة، وتفصيل التفاعلات الكيميائية الناتجة خلال هذه التجارب، و3- قياس الوزن النوعي للسوائل بوساطة موازين خاصة كالتي استخدمها الرازي وأطلق عليها اسم الميزان الطبيعي؛ وقد سموا ذلك علم الميزان وهو ما يطلق عليه حاليًا اسم قانون الأوزان المتكافئة، و4- نظرية تكوين المعادن، و5- نظرية تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب وفضة ـ على ما فيها من أخطاء، و6- نظرية الاتحاد الكيميائي، و7- قانون بقاء المادة، و8- تحديدهم أن قوة المغنطيس تضعف بمرور الزمن؛ وكان جابر بن حيان أول من توصل إلى ذلك عندما لاحظ أن حجرًا مغنطيسيًا يحمل كتلة من الحديد وزنها 100 درهم، وبعد مدة لم يستطع أن يحمل سوى 80 درهمًا فقط. و9- ملاحظة تباين درجة غليان السوائل، و10- تطبيق نتائج المستحضرات الكيميائية في حقل الطب والصيدلة والاستعانة به في علاج المرضى ومزاولة ما يسمى اليوم بالكيمياء الصيدلية، و 11ـ تحضير بعض المواد من خلال مواد أخرى؛ كالحصول على الكحول بتقطير المواد السكرية وتحضير حمض الكبريتيك بتقطير الزاج الأزرق، وقد نقل الغرب ذلك عن الرازي وسموه كبريت الفلاسفة، 12 ـ فصل المعادن بوساطة بعض الأحماض؛ مثل فصلهم الذهب عن الفضة بوساطة حمض النتريك، 13ـ نظرية انطفاء النار عند انعدام الهواء، وهو ما يعرف حديثًا؛ بانعدام الأكسجين، و 14ـ ملاحظة إكساب اللون الأزرق لمركبات النحاس عند تعريضها إلى اللهب.الكيمياء الصناعية. اشتهر العلماء المسلمون بالكيمياء التطبيقية، بينما كان الإغريق يركِّزون على الجانب النظري. ولعل اهتمام العلماء المسلمين بالكيمياء التطبيقية يعود إلى اعتقادهم بأهميتها في صنع الأدوية المركبة، وساعدهم على ذلك استعمالهم الفائق الدقة للموازين والمكاييل والآلات؛ مما مكنهم من تطبيق النتائج التي كانوا يخرجون بها في الصناعات القائمة آنذاك؛ وهو ما يمكن أن نطلق عليه الآن الكيمياء الصناعية. ومن بين الصناعات التي برعوا فيها، وورّثوها للأمم الأخرى، صناعة المعادن وتركيبها وتنقيتها وصقلها. وتوصلوا إلى تحضير بعض المواد التي مكنتهم من صنع المتفجرات، والمفرقعات، كذلك تطورت لديهم صناعة الأسلحة التقليدية كالسيوف والخناجر. كما توصلوا، عن طريق استغلالهم للقوى الناجمة عن انفجار البارود (نترات البوتاسيوم) إلى صنع ذخيرة المدافع لاستغلالها في الأغراض الحربية. ومع أن الصينيين هم الذين اكتشفوا ملح البارود، وأن اليونانيين كانوا يستخدمون النار الإغريقية. انظر: النار الإغريقية. إلا أن تلك النار لم تكن صالحة إلا لإشعال الحرائق، حيث لم تكن ذات قابلية للانفجار. ويعود الفضل للعرب والمسلمين في اختراع بارود المدافع. وكان مسلمو الأندلس أول من صنع المدافع، ونقلها إلى بقية أوروبا أولئك الجنود الذين كانوا يحاربون في صفوف الجيش الأسباني في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي.مزج العلماء العرب والمسلمون الذهب بالفضة، واستخدموا القصدير لمنع التأكسد والصدأ في الأواني النحاسية. واستخدموا خبرتهم الكيميائية في صناعة العطور، ومواد التجميل وصباغة الأقمشة والشموع، واستخراج الزيوت النباتية، وتركيب الأدوية، وصناعة الفولاذ والأسمدة والصابون والزجاج والأواني الزجاجية والمرايا والمصابيح الملونة والبلَّور. ومنهم انتقلت صناعتها لتزيين قصور أوروبا وكنائسها بروائع البلور (الكريستال) المزخرف حتى بالكتابات العربية والآيات القرآنية. كما صنعوا مواد كيميائية مضادة للحريق. فقد استخدموا في معركة الزنج سنة 269هـ، 882م مادة إذا طلي بها الخشب لم يحترق. والمسلمون أول من أدخل صناعة الورق في

0 88: dm4588a03ktc88z05.html

إرسال تعليق

زراعة القمح ومختلف انواع المحاصيل بماء البحر بدون معالجه او تحليه

زراعة القمح   ومختلف  انواع المحاصيل بماء البحر بدون معالجه او تحليه
زراعة القمح ومختلف المحاصيل الرئيسيه بماء البحر بدون تحلية او معالجه

قضية وجود خالق للكون

قضية وجود خالق للكون
اثبت العلم حتمية وجود خالق للكون واستحالة خلق الكون بالصدفه وهذه شهادات لعدد من اكبر علماء العالم حول ذلك

الموضوعات الرائجه

احدث الموضوعات

هل تقود اسرائيل العالم ؟؟ فضح اكاذيب نتنياهو ؟؟


هل تقود اسرائيل العالم ؟؟ فضح اكاذيب نتنياهو وسقوط اسطوره اسرائيل 




 

فضيحه خالد الجندى وسعد الهلالى ويوسف زيدان حول عدم تحريم الاسلام لشرب الخمر والنبيذ

اثبات جهل ودجل الماركسى اسلام بحيرى